فنقول: التمسك بالبراءة الأصلية إنما يتم عند الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح الذاتيين، وكذلك إنما يتم عند من يقول بهما ولا يقول بالوجوب والحرمة الذاتيين، وهو المستفاد من كلامهم (عليهم السلام) وهو الحق عندي. ثم على هذين المذهبين إنما يتم قبل إكمال الدين لا بعده، إلا على مذهب من جوز من العامة خلو واقعة عن حكم وارد من الله تعالى *.
____________________
لم يعملوا بمقتضاه ولم يعتقدوه. والسيد المرتضى - قدس الله روحه - لا شك أنه أعرف من المصنف بالخبر المتواتر من غيره، وقد ترك العمل بكثير من الأخبار التي يدعي المصنف ثبوتها والقطع بصحتها ويدعي تواتر الأخبار بثبوت ذلك.
وكمال الدين لا يتوقف على ما يدعيه، فإنه قد كمل ولله الحمد من غير اعتقاد أحد ما اعتقده. وقد قدمنا أن في ما نقله الشيخ عن الصادق (عليه السلام) سابقا دلالة على إمكان عدم وجدان نص من قبلهم (عليهم السلام) في بعض الأحكام. والتوقف في المسائل التي لا يجد المجتهد عليها دليلا علميا ولا ظنيا كثير في أبواب الأصول والفروع، فلم يحصل خلاف للأئمة (عليهم السلام) من المجتهدين عند أمرهم بالتوقف. ولو كان إكمال الدين موقوفا على العلم لجميع المكلفين بذلك الحكم الذي كلفوه والقطع به لوجب ظهوره ظهورا لا يحصل معه اختلاف ولا اشتباه، ولم يتفق ذلك في سائر الأمم، وما زال الاختلاف والاشتباه واقعا في كل أمة.
* لا شك أن التمسك بالبراءة الأصلية عند من يقول بالحسن والقبح أقرب ممن ينفي ذلك، لأن احتمال تكليف الله - سبحانه وتعالى - لمكلف بحكم ولا يجعل له طريقا إلى علمه مما يقضي العقل بقبحه وامتناعه إذا أراد منه فعله، وكمال الدين ليس موقوفا على إبطال البراءة الأصلية، لأن حكم الله بثبوتها ظاهر وقد بيناه، بل هو من أصله غير محتاج إلى بيان بدليل العقل فضلا عن النقل لمن له بصيرة.
وليس المقام بمحرز لهذا التحمس العظيم الذي ثبتت فيه أقدامه مع زلل أقدام فحول العلماء، وما أشك أن مثل هذه الأحوال تصدر عن كامل العقل (1).
وكمال الدين لا يتوقف على ما يدعيه، فإنه قد كمل ولله الحمد من غير اعتقاد أحد ما اعتقده. وقد قدمنا أن في ما نقله الشيخ عن الصادق (عليه السلام) سابقا دلالة على إمكان عدم وجدان نص من قبلهم (عليهم السلام) في بعض الأحكام. والتوقف في المسائل التي لا يجد المجتهد عليها دليلا علميا ولا ظنيا كثير في أبواب الأصول والفروع، فلم يحصل خلاف للأئمة (عليهم السلام) من المجتهدين عند أمرهم بالتوقف. ولو كان إكمال الدين موقوفا على العلم لجميع المكلفين بذلك الحكم الذي كلفوه والقطع به لوجب ظهوره ظهورا لا يحصل معه اختلاف ولا اشتباه، ولم يتفق ذلك في سائر الأمم، وما زال الاختلاف والاشتباه واقعا في كل أمة.
* لا شك أن التمسك بالبراءة الأصلية عند من يقول بالحسن والقبح أقرب ممن ينفي ذلك، لأن احتمال تكليف الله - سبحانه وتعالى - لمكلف بحكم ولا يجعل له طريقا إلى علمه مما يقضي العقل بقبحه وامتناعه إذا أراد منه فعله، وكمال الدين ليس موقوفا على إبطال البراءة الأصلية، لأن حكم الله بثبوتها ظاهر وقد بيناه، بل هو من أصله غير محتاج إلى بيان بدليل العقل فضلا عن النقل لمن له بصيرة.
وليس المقام بمحرز لهذا التحمس العظيم الذي ثبتت فيه أقدامه مع زلل أقدام فحول العلماء، وما أشك أن مثل هذه الأحوال تصدر عن كامل العقل (1).