حملكم على الفرق بين ما ترويه الطائفة المحقة وبين ما يرويه أصحاب الحديث من العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وهلا عملتم بالجميع أو منعتم من الكل؟
قيل: العمل بخبر الواحد إذا كان دليلا شرعيا فينبغي أن نستعمله بحيث قررته الشريعة، والشرع يرى العمل بما ترويه طائفة مخصوصة، فليس لنا أن نتعدى إلى غيرها، كما أنه ليس لنا أن نتعدى من رواية العدل إلى رواية الفاسق، وإن كان العقل مجوزا لذلك، أجمع على أن من شرط العمل بخبر الواحد أن يكون راويه عدلا بلا خلاف، وكل من أسند إليه ممن خالف الحق لم تثبت عدالته بل ثبت فسقه، فلأجل ذلك لم يجز العمل بخبره.
فإن قيل: هذا القول يؤدي إلى أن يكون الحق في جهتين مختلفتين إذا عملوا بخبرين مختلفين، والمعلوم من حال أئمتكم وشيوخكم خلاف ذلك.
قيل له: المعلوم من ذلك أنه لا يكون الحق في جهتهم وجهة من خالفهم في الاعتقاد، فأما أن يكون الحق في جهتين إذا كان ذلك صادرا من خبرين مختلفين.
فقد بينا أن المعلوم خلافه. والذي يكشف عن ذلك أيضا: أن من منع من العمل بخبر الواحد يقول: إن هاهنا أخبارا كثيرة لا ترجيح لبعضها على بعض والإنسان فيها مخير، فلو أن اثنين اختار كل واحد منهما العمل بواحد من الخبرين أليس كانا يكونان مختلفين وقولهما حق على مذهب هذا القائل، فكيف يدعى أن المعلوم خلاف ذلك؟ ويبين ذلك أيضا أنه قد روي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن اختلاف أصحابه في المواقيت وغير ذلك، فقال (عليه السلام): " أنا خالفت بينهم " (1) فترك الإنكار لاختلافهم ثم أضاف الاختلاف إلى أنه أمرهم، فلولا أن ذلك جائز لما جاز ذلك منه (عليه السلام).
فإن قيل: اعتباركم الطريقة التي ذكرتموها في وجوب العمل بخبر الواحد يوجب عليكم قبولها فيما طريقه العلم، لأن الذين أشرتم إليهم إذا قالوا قولا طريقه العلم من التوحيد والعدل والنبوة والإمامة وغير ذلك، فسئلوا عن الدلالة على صحته أحالوا على هذه الأخبار بعينها، فإن كان هذا القدر حجة فينبغي أن يكون حجة في