فقال ابن عباس: ما الخلب؟ قلت: الطين بكلامهم، قال: فما الثاط؟ قلت: الحمأة. قال: فما الخرمد؟
قلت: الأسود، فدعا ابن عباس غلاما فقال: اكتب ما يقول هذا الرجل. وأخرج الترمذي وأبو داود الطيالسي وابن جرير وابن المنذر عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم " كان يقرأ في عين حمئة ". وأخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس مرفوعا مثله.
(92 - 98) ثم حكى سبحانه سفر ذي القرنين إلى ناحية أخرى، وهى ناحية القطر الشمالي بعد تهيئة أسبابه فقال (ثم اتبع سببا) أي طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب (حتى إذا بلغ بين السدين) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص وابن محيصن ويحيى اليزيدي وأبو زيد عن المفضل بفتح السين. وقرأ الباقون بضمها. قال أبو عبيدة وابن الأنباري وأبو عمرو بن العلاء: السد إن كان بخلق الله سبحانه فهو بضم السين حتى يكون بمعنى مفعول: أي هو مما فعله الله وخلقه، وإن كان من عمل العباد فهو بالفتح حتى يكون حدثا. وقال ابن الأعرابي: كل ما قابلك فسد ما وراءه فهو سد وسد نحو الضعف والضعف، والفقر والفقر، والسدان هما جبلان من قبل أرمينية وأذربيجان، وانتصاب بين على أنه مفعول به كما ارتفع بالفاعلية في قوله - لقد تقطع بينكم -. وقيل موضع بين السدين هو منقطع أرض الترك مما يلي المشرق لا جبلا أرمينية وأذربيجان. وحكى ابن جرير في تاريخه أن صاحب أذربيجان أيام فتحها وجه إنسانا من ناحية الجزر فشاهده، ووصف أنه بنيان رفيع وراء خندق وثيق منيع، و (وجد من دونهما) أي من ورائهما مجازا عنهما، وقيل أمامهما (قوما لا يكادون يفقهون قولا) قرأ حمزة والكسائي " يفقهون " بضم الياء وكسر القاف من أفقه إذا أبان: أي لا يبينون لغيرهم كلاما، وقرأ الباقون بفتح الياء والقاف: أي لا يفهمون كلام غيرهم، والقراءتان صحيحتان، ومعناهما لا يفهمون عن غيرهم ولا يفهمون غيرهم، لأنهم لا يعرفون غير لغة أنفسهم (قالوا) أي هؤلاء القوم الذين لا يفهمون قولا، قيل إن فهم ذي القرنين لكلامهم من جملة الأسباب التي أعطاه الله، وقيل إنهم قالوا ذلك لترجمانهم، فقال لذي القرنين بما قالوا له (يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض) يأجوج ومأجوج اسمان عجميان بدليل منع صرفهما، وبه قال الأكثر. وقيل مشتقان من أج الظليم في مشيه إذا هرول. وتأججت النار إذا تلهبت، قرأهما الجمهور بغير همز، وقرأ عاصم