سورة الإسراء الآية (7 - 11) قوله (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب) أي أعلمنا وأخبرنا، أو حكمنا وأتممنا، وأصل القضاء: الإحكام للشئ والفراغ منه، وقيل أوحينا، ويدل عليه قوله إلى بني إسرائيل، ولو كان بمعنى الإعلام والإخبار لقال قضينا بني إسرائيل، ولو كان بمعنى حكمنا لقال على بني إسرائيل، ولو كان بمعنى أتممنا لقال لبني إسرائيل، والمراد بالكتاب: التوراة، ويكون إنزالها على نبيهم موسى كانزالها عليهم لكونهم قومه، وقيل المراد بالكتاب اللوح المحفوظ. وقرأ أبو العالية وسعيد بن جبير " في الكتب ". وقرأ عيسى الثقفي (لتفسدن في الأرض) بفتح المثناة، ومعنى هذه القراءة قريب من معنى قراءة الجمهور، لأنهم إذا أفسدوا فسدوا في نفوسهم، والمراد بالفساد مخالفة ما شرعه الله لهم في التوراة، والمراد بالأرض أرض الشام وبيت المقدس. وقيل أرض مصر. واللام في لتفسدن جواب قسم محذوف. قال النيسابوري: أو أجرى القضاء المبتوت مجرى القسم كأنه قيل: وأقسمنا لتفسدن وانتصاب (مرتين) على أنه صفة مصدر محذوف، أو على أنه في نفسه مصدر عمل فيه ما هو من غير جنسه، والمرة الأولى قتل شعياء أو حبس أرمياء أو مخالفة أحكام التوراة. والثانية قتل يحيى بن زكريا والعزم على قتل عيسى (ولتعلن علوا كبيرا) هذه اللام كاللام التي قبلها: أي لتستكبرن عن طاعة الله ولتستعلن علي الناس بالظلم والبغي مجاوزين للحد في ذلك (فإذا جاء وعد أولاهما) أي أولى المرتين المذكورتين (بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد) أي قوة في الحروب وبطش عند اللقاء. قيل هو بختنصر وجنوده، وقيل جالوت، وقيل جند من فارس، وقيل جند من بابل (فجاسوا خلال الديار) أي عاثوا وترددوا. يقال جاسوا وهاسوا وداسوا بمعنى، ذكره ابن غرير والقتيبي. قال الزجاج: معناه طافوا خلال الديار هل بقي أحد لم يقتلوه؟ قال: والجوس طلب الشئ باستقصاء. قال الجوهري: الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار: أي تخللوها كل كما يجوس الرجل للأخبار، أي يطلبها، وكذا قال أبو عبيدة. وقال: ابن جرير: معنى جاسوا طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين. وقال الفراء: معناه قتلوهم بين بيوتهم وأنشد لحسان:
ومنا الذي لاقى بسيف محمد * فجاس به الأعداء عرض العساكر وقال قطرب: معناه نزلوا وأنشد قول الشاعر:
فجسنا ديارهم عنوة * وأبنا بساداتهم موثقينا وقرأ ابن عباس " فحاسوا " بالحاء المهملة. قال أبو زيد: الحوس والجوس والعوس والهوس: الطوف بالليل وقيل الطوف بالليل هو الجوسان محركا كذا قال أبو عبيدة. وقرئ " خلل الديار " ومعناه معنى خلال وهو وسط