سورة الأنبياء الآية (102 112) بين سبحانه حال معبودهم يوم القيامة فقال إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وهذا خطاب منه سبحانه لأهل مكة والمراد بقوله وما تعبدون الأصنام التي كانوا يعبدون قرأ الجمهور أخبرنا بالصاد المهملة أي وقود جهنم وحطبها وكل ما أوقدت لو به النار أو هيجتها به فهو حصب كذا قال الجوهري قال أبو عبيدة كل ما قذفته في النار فقد حصبتها به ومثل ذلك قوله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة وقرأ علي ابن أبي طالب عليه السلام وعائشة حطب جهنم بالطاء وقرأ ابن عباس حضب بالضاد المعجمة قال الفراء ذكر لنا أن الحضب في لغة أهل اليمن الحطب ووجه إلقاء الأصنام في النار مع كونها جمادات لا تعقل ذلك ولا تحس به التبكيت لمن عبدها وزيادة التوبيخ لهم وتضاعف الحسرة عليهم وقيل إنها تحمى فتلصق بهم زيادة في تعذيبهم وجملة أنتم لها واردون إما مستأنفة أو بدل من حصب جهنم والخطاب لهم ولما يعبدون تغليبا واللام في لها للتقوية لضعف عمل اسم الفاعل وقيل هي بمعنى على والمراد بالورود هنا الدخول قال كثير من أهل العلم ولا يدخل في هذه الآية عيسى وعزير والملائكة لأن ما لمن لا يعقل ولو أراد العموم لقال ومن يعبدون قال الزجاج ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركوا مكة دون غيرهم لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها أي لو كانت هذه الأصنام آلهة كما تزعمون ما وردوها أي ما ورد العابدون والمعبودون النار وقيل ما ورد العابدون فقط لكنهم وردوها فلم يكونوا ألهة وفى هذا تبكيت لعباد الأصنام وتوبيخ شديد وكل فيها خالدون أي كل العابدين والمعبودين في النار خالدون ولا يخرجون منها لهم فيها زفير أي لهؤلاء الذين وردوا النار والزفير صوت نفس المغموم والمراد هنا الأنين والتنفس الشديد وقد تقدم بيان هذا في هود وهم فيها لا يسمعون أي لا يسمع بعضهم زفير بعض لشدة الهول وقيل لا يسمعون شيئا لأنهم يحشرون صما كما قال سبحانه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما وإنما سلبوا السماع لأن فيه بعض تروح وتأنس وقيل لا يسمعون ما يسرهم بل يسمعون ما يسوءهم ثم لما بين سبحانه حال هؤلاء الأشقياء شرع في بيان حال السعداء فقال إن
(٤٢٨)