فقلت: الليل من البكرة والعشي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس هناك دليل، وإنما هو ضوء ونور، يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو، تأتيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " ما من غداة من غدوات الجنة، وكل الجنة غدوات، إلى أنه يزف إلى ولي الله فيها زوجة من الحور العين وأدناهن التي خلقت من الزعفران " قال بعد إخراجه قال أبو محمد: هذا حديث منكر.
سورة مريم الآية (64 - 72) قوله (وما نتنزل) أي قال الله سبحانه: قل يا جبريل وما نتنزل، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استبطأ نزول جبريل عليه، فأمر جبريل أن يخبره بأن الملائكة ما تتنزل عليه إلا بأمر الله. قيل احتبس جبريل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعين يوما، وقيل خمسة عشر، وقيل اثنى عشر، وقيل ثلاثة أيام، وقيل إن هذا حكاية عن أهل الجنة، وأنهم يقولون عند دخولها: وما نتنزل هذه الجنان (إلا بأمر ربك) والأول أولى بدلالة ما قبله، ومعناه يحتمل وجهين: الأول ما نتنزل عليك إلا بأمر ربك لنا بالتنزيل. والثاني وما نتنزل عليك إلا بأمر ربك الذي يأمرك به بما شرعه لك ولأمتك، والتنزل: النزول على مهل، وقد يطلق على مطلق النزول. ثم أكد جبريل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) أي من الجهات والأماكن، أو من الأزمنة الماضية والمستقبلة، وما بينهما من الزمان أو المكان الذي نحن فيه، فلا نقدر على أن ننتقل من جهة إلى جهة، أو من زمان إلى زمان إلا بأمر ربك ومشيئته، وقيل المعنى: له ما سلف من أمر الدنيا وما يستقبل من أمر الآخرة وما بين ذلك، وهو ما بين النفختين، وقيل الأرض التي بين أيدينا إذا نزلنا، والسماء التي وراءنا وما بين السماء والأرض، وقيل ما مضى من أعمارنا وما غبر منها والحالة التي نحن فيها. وعلى هذه الأقوال كلها يكون المعنى: أن الله سبحانه هو المحيط بكل شئ لا يخفى عليه خافية، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة، فلا نقدم على أمر إلا بإذنه، وقال: ما بين ذلك، ولم يقل وما بين ذينك لأن المراد: وما بين ما ذكرنا كما في قوله سبحانه - عوان بين ذلك - (وما كان ربك نسيا) أي لم ينسك وإن تأخر عنك الوحي، وقيل المعنى: إنه عالم بجميع الأشياء لا ينسى منها شيئا: وقيل المعنى: وما كان ربك ينسى الإرسال إليك عند الوقت