أيضا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أنس قال: أوحى إلى يوسف: من استنقذك من القتل حين هم إخوتك أن يقتلوك؟ قال: أنت يا رب، قال: فمن استنقذك من الجب إذ ألقوك فيه؟ قال: أنت يا رب، قال: فمن استنقذك من المرأة إذ همت بك؟ قال: أنت يا رب، قال: فما لك نسيتني وذكرت آدميا؟ قال: جزعا وكلمة تكلم بها لساني، قال: فوعزتي لأخلدنك في السجن بضع سنين، فلبث فيه سبع سنين: وقد اختلف السلف في تقدير مدة لبثه في السجن على حسب ما قدمنا ذكره، فلم نشتغل هاهنا يذكر من قال بذلك ومن خرجه.
سورة يوسف الآية (43 49) المراد بالملك هنا: هو الملك الأكبر، وهو الريان بن الوليد الذي كان العزيز وزيرا له. رأى في نومه لما دنى فرج يوسف عليه السلام أنه خرج من نهر يابس (سبع بقرات سمان) جمع سمين وسمينة. في إثرهن سبع عجاف:
أي مهازيل، وقد أقبلت العجاف على السمان فأكلتهن. والمعنى: إني رأيت. ولكنه عبر بالمضارع لاستحضار الصورة وكذلك قوله (يأكلهن) عبر بالمضارع للاستحضار. والعجاف جمع عجفاء، وقياس جمعه عجف.
لأن فعلاء وأفعل لا تجمع على فعال، ولكنه عدل عن القياس حملا على سمان (وسبع سنبلات) معطوف على سبع بقرات، والمراد بقوله (خضر) أنه قد انعقد حبها، واليابسات التي قد بلغت حد الحصاد، والمعنى: وأرى سبعا أنحر يابسات، وكان قد رأى أن السبع السنبلات اليابسات قد أدركت الخضر والتوت عليها حتى غلبتها. ولعل عدم التعرض لذكر هذا في النظم القرآني للاكتفاء بما ذكر من حال البقرات (يا أيها الملأ) خطاب للأشراف من قومه (أفتوني في رؤياي) أي أخبروني بحكم هذه الرؤيا (إن كنتم للرؤيا تعبرون) أي تعلمون عبارة الرؤيا، وأصل العبارة مشتقة من عبور النهر، فمعنى عبرت النهر بلغت شاطئه، فعابر الرؤيا يخبر بما يؤول إليه أمرها.
قال الزجاج: اللام في للرؤيا للتبيين: أي إن كنتم تعبرون، ثم بين فقال " للرؤيا " وقيل هو للتقوية، وتأخير الفعل العامل فيه لرعاية الفواصل، وجملة (قالوا أضغاث أحلام) مستأنفة جواب سؤال مقدر، الأضغاث جمع