في قوله (إلا قليلا مما تحصنون) يقول: تخزنون، وفي قوله (وفيه يعصرون) يقول: الأعناب والدهن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله (فيه يغاث الناس) يقول: يصيبهم فيه غيث (وفيه يعصرون) يقول:
يعصرون وفيه العنب ويعصرون فيه الزبيب ويعصرون من كل الثمرات. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه أيضا (وفيه يعصرون) قال: يحتلبون. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عنه أيضا (ثم يأتي من بعد ذلك عام) قال: أخبرهم بشئ لم يسألوه عنه كأن الله قد علمه إياه فيه يغاث الناس بالمطر، وفيه يعصرون السمسم دهنا والعنب خمرا والزيتون زيتا.
سورة يوسف الآية (50 57) (وقال الملك ائتوني به) في الكلام حذف قبل هذا، والتقدير: فذهب الرسول إلى الملك فأخبره بما أخبره به يوسف من تعبير تلك الرؤيا، وقال الملك لمن بحضرته ائتوني به: أي بيوسف، رغب إلى رؤيته ومعرفة حاله بعد أن علم من فضله ما علمه من وصف الرسول له ومن تعبيره لرؤياه (فلما جاءه) أي جاء إلى يوسف (الرسول) واستدعاه إلى حضرة الملك وأمره بالخروج من السجن (قال) يوسف للرسول (ارجع إلى ربك) أي سيدك (فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) أمره بأن يسأل الملك عن ذلك وتوقف عن الخروج من السجن، ولم يسارع إلى إجابة الملك، ليظهر للناس براءة ساحته ونزاهة جانبه، وأنه ظلم بكيد امرأة العزيز ظلما بينا، ولقد أعطى عليه السلام من الحلم والصبر والأناة ما تضيق الأذهان عن تصوره، ولهذا ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وآله وسلم " ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي " يعني الرسول الذي جاء يدعوه إلى الملك. قال ابن عطية: هذا الفعل من يوسف أناة وصبرا، وطلبا لبراءة ساحته، وذلك أنه خشي أن يخرج وينال من الملك مرتبة.
ويسكت عن أمر ذنبه فيراه الناس بتلك العين يقولون هذا الذي راود امرأة العزيز، وإنما قال (فاسأله ما بال