قال: والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يومئ إلى الأرض ويقول: هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان، فلما سمع قريش ذلك جعلوا رؤياه سخرية (والشجرة الملعونة في القرآن) عطف على الرؤيا، قيل وفى الكلام تقديم وتأخير. والتقدير: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس. قال جمهور المفسرين وهى شجرة الزقوم، والمراد بلعنها لعن آكلها كما قال سبحانه - إن شجرة الزقوم طعام الأثيم -. وقال الزجاج: إن العرب تقول لكل طعام مكروه ملعون. ومعنى الفتنة فيها أن أبا جهل وغيره قالوا: زعم صاحبكم أن نار جهنم تحرق الحجر. ثم يقول ينبت فيها الشجر. فأنزل الله هذه الآية. وروى أن أبا جهل أمر جارية فأحضرت تمرا وزبدا وقال لأصحابه: تزقموا. وقال ابن الزبعري: كثر الله من الزقوم في داركم فإنه التمر بالزبد بلغة اليمن. وقيل إن الشجرة الملعونة هي الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتلعها: وهى شجرة الكشوث، وقيل هي الشيطان، وقيل اليهود، وقيل بنو أمية (ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) أي نخوفهم بالآيات فما يزيدهم التخويف إلا طغيانا متجاوزا للحد متماديا غاية التمادي فما يفيدهم إرسال الآيات إلا الزيادة في الكفر، فعند ذلك نفعل بهم ما فعلناه بمن قبلهم من الكفار. وهو عذاب الاستئصال ولكنا قد قضينا بتأخير العقوبة.
وقد أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود في قوله (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا) قال: كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من الجن فأسلم النفر من الجن وتمسك الإنسيون بعبادتهم، فأنزل الله (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة) كلاهما، يعني الفعلين بالياء التحتية، وروى نحو هذا عن ابن مسعود من طرق أخرى. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيزا. وروى عنه من وجه آخر بلفظ عيسى وأمه وعزير. وروى عنه أيضا من وجه آخر بلفظ: هم عيسى وعزير، والشمس والقمر. وأخرج الترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " سلوا الله لي الوسيلة. قالوا وما الوسيلة؟ قال القرب من الله. ثم قرأ (يبتغون إلى ربهم الوسيلة أبهم أقرب) ". وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي في قوله (كان ذلك في الكتاب مسطورا) قال: في اللوح المحفوظ. وأخرج أحمد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا، فقيل له إن شئت أن تستأني بهم وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم من الأمم، قال: لا بل أستأني بهم، فأنزل الله (وما منعنا أن نرسل بالآيات) الآية. وأخرج أحمد والبيهقي من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع بن أنس قال: قال الناس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن شئتم دعوت الله فأنزلها عليكم، فإن عصيتم هلكتم، فقالوا لا نريدها ". وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) قال: الموت. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال: هو الموت الذريع. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) قال: عصمك من الناس. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: فهم في قبضته. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد والبخاري والترمذي