ما عرفت آنفا من اشتراط اتحاد الجنس في الربا الذي هو عبارة عن الحقيقة النوعية، ولا ريب أن الحنطة والشعير في غير باب الربا جنسان، كما في باب الزكاة وفيما لو حلف أو نذر أن لا يأكل الحنطة، فإن لا يحنث بأكل الشعير ونحو ذلك، ولاختلاف مفهومها لغة وعرفا وبين الأخبار المذكورة الدالة على وقوع الربا فيهما بمعاوضة أحدهما بالآخر، وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك: تخصيص القاعدة المذكورة بالأخبار، بمعنى أنهما جنسان لاختلاف مفهومهما لغة وعرفا، إلا في الربا للأخبار المتقدمة فإنهما فيه من جنس واحد، وأنت خبير بأن ظاهر جملة من الأخبار المتقدمة أنهما جنس واحد مطلقا، لا بخصوص الربا، وأنه إنما وقع الربا فيهما من هذه الحيثية الثابتة لهما مطلقا، كما يفسره حديث الصدوق المذكور لا أن اتحادهما مخصوص بالربا، ولا مناص عن الاشكال إلا بخرم القاعدة المذكورة وابطالها وقد قدمنا في الأبحاث المتقدمة أن الواجب هو الوقوف على موارد النصوص، وعدم الاعتماد على قواعدهم المذكورة في غير موضع، واختلاف التسمية لا ينافي الاتحاد حقيقة، كما في الحنطة والدقيق، فإن الحقيقة واحدة وإن اختلف الاسم.
وكأنه إلى ما ذكرنا أشار في التذكرة فقال: وبالجملة الاعتماد على أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) والاختصاص باسم، لا يخرج المهية عن التماثل كالحنطة والدقيق. انتهى.
وبالجملة أن اتحاد الاسم واختلافه علامة غالبة مبني عليها الحكم ما لم يحصل أقوى منها، ولهذا يعمل على الاسم في غير الحنطة والشعير، وفيهما أيضا في غير باب الربا مما أشرنا إليه آنفا وإن كانت حقيقتهما واحدة، وأصلهما واحد بالنصوص المتقدمة، لكون أحكام الشرع تابعة للاسم والاطلاق العرفي، لا الحقيقي النفس الأمري إلا مع دليل يدل عليه، ولما دلت النصوص على الاتحاد حقيقة وأن ذلك كاف في باب الربا، فلا يحتاج إلى اتحاد الاسم، وإن عمل عليه في غير ذلك والله العالم.