من غير أولوية تقديم أحدهما على الآخر، خلافا للشيخ حيث ذهب إلى أنه يجب على البايع أولا تسليم المبيع، محتجا بأن الثمن تابع للمبيع، والغرض من هذه العبارة إنما هو بيان تساويهما في وجوب التسليم، بدون تقديم أحدهما على الآخر كما زعمه الشيخ (رحمة الله عليه) فالكلام إنما خرج في معرض الرد عليه، وأين هذا من المعنى الذي ذكره، وهو أنه لا يجب على أحدهما التسليم إلا بعد دفع الآخر، وأنة يجوز لكل منهما الامتناع حتى يقبض، اللهم إلا أن يكون قد اطلع على تصريح بذلك من غير هذا الموضع، وإلا فهذه العبارة ونحوها لا اشعار فيها، فضلا عن الدلالة بشئ من ذلك.
وتحقيق الكلام في هذا المقام يتوقف على بسطه في مواضع: الأول لا يخفى أن القبض من الأمور المعتبرة شرعا لما يترتب عليه من الأحكام العديدة بالنسبة إلى الوصية والهبة والرهن، فإن للقبض فيها مدخلا باعتبار شرطيته للصحة أو اللزوم، فإن وكذا بالنسبة إلى البيع، فمن أحكامه فيه انتقال ضمان المبيع إلى المشتري بعده إن لم يكن له خيار، وكونه على البايع قبله، وجواز بيع ما اشتراه بعد القبض مطلقا، وتحريمه أو كراهته قبله على بعض الوجوه، وجواز فسخ البايع مع تأخير الثمن، وعدم قبض المبيع بعد ثلاثة أيام، وغير ذلك، ومع هذا لم يرد له تحديد شرعي يرجع فيه إليه.
ومن ثم إن الأصحاب إنما رجعوا فيه إلى العرف بناء على قواعدهم في كل ما لم يرد له تحديد شرعي، مع أن الغالب في العرف الاختلاف باعتبار تعدد الأقطار والبلدان، وأن لكل قطر اصطلاحا وعادة غير ما سواه، والمسألة من أجل ذلك في غاية من الاشكال والداء العضال، لعموم البلوى به في جملة من الأحكام كما عرفت.
والذي وقفت عليه مم يتعلق بهذا المقام روايتان الأولى صحيحة معاوية،