وفيه أن الظاهر أن الجهل عذر شرعي كما مر تحقيقه في مقدمات الكتاب (1) على تفصيل فيه.
الثالثة المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) من غير خلاف يعرف أنه إذا قال البايع: بعت بالبراءة، وأنكر المشتري، ولم يكن للبايع بينة فالقول قول المشتري بيمينه، للخبر المتفق عليه (2) " البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر " ولأن الأصل عدم صدور البراءة منه حتى يتحقق.
قال المحقق الأردبيلي (قدس سره، في شرح الإرشاد بعد ذكر نحو ما قلناه:
" ولا يلتفت إلى ما في الخبر عن جعفر بن عيسى في مكاتبته إلى أبي الحسن (عليه السلام) " فيقول له المنادي: قد برئت منها، فيقول له المشتري: لم أسمع البراءة منها، أيصدق فلا يجب عليه الثمن، أم لا يصدق، فيجب عليه الثمن؟ فكتب: عليه الثمن " لضعفه مع الكفاية، ومخالفة القاعدة " انتهى.
والعجب هنا من صاحب الكفاية حيث جعل هذا الخبر مؤيدا لعموم " البينة على المدعى، واليمين على من أنكره " وهو على العكس من ذلك.
أقول: والمفهوم من سياق الخبر المذكور أن انكار المشتري إنما وقع مدالسة، لعدم رغبته في المبيع، وإلا فهو عالم بتبري البايع، والإمام (عليه السلام) إنما ألزمه الثمن من هذه الجهة، ونحن قدمنا الخبر المذكور في خيار العيب، ولكن نعيده هنا إزاحة لثقل المراجعة، ليظهر لك صحة ما ادعيناه.
وهو ما رواه الشيخ في التهذيب عن جعفر بن عيسى (3) " قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) جعلت فداك المتاع يباع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي،