المقام الثاني في أحكام الخيار وقد تقدم ذكر كثير منها في المباحث المتقدمة في المقام الأول، وبقي الكلام هنا في مسائل:
الأولى: قد صرح جمع من الأصحاب رضي الله عنهم بأن خيار الشرط يثبت في كل نوع من أنواع العقود، سوى النكاح والوقف والابراء والطلاق والعتق.
أما جواز الشرط في العقود، فلعموم الأخبار المتقدمة في خيار الشرط الدالة على جواز الاشتراط إذا كان الشرط سائغا لا يخالف الكتاب والسنة، وقد استثنى من البيع ما يتعقبه العتق، كشراء القريب الذي ينعتق عليه، فإنه لا يثبت فيه خيار الشرط، ولا المجلس، وكذا شراء العبد نفسه إذا جوزناه، فإنه مناف لمقتضاه، وسيأتي تحقيق المسألة انشاء الله تعالى في محلها. وأما استثناء ما ذكر، فعلل بأن النكاح لا يقصد فيه المعاوضة، والوقف إزالة ملك على وجه القربة، ومثله العتق، وقريب منه الابراء وادعى في المسالك الاجماع على استثناء هذه المذكورات أولا، والظاهر أنه هو العمدة عندهم، وإلا فهذه التعليلات لا تمنع تطرق المناقشة، فإنها لا تصلح لتخصيص عموم تلك النصوص.
قال في التذكرة: والأقرب عندي دخول خيار الشرط في كل عقد معاوضة، خلافا للجمهور، وهو مؤذن بعدم الخلاف عند الأصحاب، وقد ألحق بالطلاق الخلع والمبارات، وبالعتق التدبير والمكاتبة المطلقة، وقد عرفت ما في المحلق به.
والحق أن المسألة لا يخلو عن شوب الاشكال بالنظر إلى اطلاق النصوص، وعدم وجود مخصص يصلح الاعتماد عليه، وإن كان الأحوط الوقوف على ما ذكروه (رضي الله عنهم).