إلا جزءا من أحد عشر جزء من درهم، حملا " لمن " على ابتداء الغاية، ويكون التقدير من كل عشرة تسلم لي، ومثله ما لو قال: لكل عشرة درهم، ووجهه أن الوضيعة للعشرة غير العشرة، كما أن الربح في العشرة زايدا على العشرة، فهو بمنزلة ما لو قال: من كل أحد عشر واحد.
وربما قيل هنا أيضا ببطلان العقد، لتكافؤ الاحتمالين الموجب لجهالة الثمن وتردده بين القدرين المذكورين، وربما رجح الأول بما قدمنا ذكره، من أن وضيعة العشرة لا يكون من نفس العشرة دون ما عداها، لأن الموضوع من جنس الموضوع منه، فيكون الإضافة بمعنى من التبعيضية، وربما رجح الثاني بما تقدم في صدر كلام الشيخ من أن المواضعة على حد المرابحة، للتقابل بينهما، فكما اقتضت المرابحة المعنى الثاني فكذا المواضعة، ويضعف المرجح الأول بأن اللفظ لا بد فيه من تقدير، وكلا التقديرين محتمل والثاني بمنع الملازمة، وقيام الاحتمال إن لم تدل قرينة على أحدهما، واعترض شيخنا الشهيد الثاني على الأصحاب في هذا المقام وما وقع لهم من الاختلاف والنقض والابرام بأن المراد من الجنس الذي يكون الإضافة المعنوية فيه بمعنى من، أن يكون المضاف جزئيا من جزئيات المضاف إليه، بحيث يصح اطلاقه على المضاف، وعلى غيره أيضا، والأخبار به عنه، كخاتم فضة، وباب ساج لاجزءا من كل، حيث لا يصح اطلاقه كبعض القوم، ويد زيد فإنك تريد بالقوم الكل، والكل لا يطلق على البعض، وكذا القول في يد زيد، والحاصل أن (من) التي تتضمنهما الإضافة هي التبيينية، لا التبعيضية، كما في خاتم فضة وأربعة دراهم، وشرط (من) التبيينية أن يصح اطلاق المجرور بها على المبين، كما في قوله تعالى (1) " فاجتنبوا الرجس من الأوثان " وقد صرح بهذا التحقيق الشيخ رضى، وابن هشام، وناهيك بهما، وحينئذ فينبغي القول بحمل الإضافة في المسألتين على معنى (من) رأسا، لأن الموضوع المضاف بعض العشرة، ولا يصح الأخبار به عنه، فيتعين كونها بمعنى اللام.