يشير هنا ما ذكره (عليه السلام) في الخبرين من قوله " إما لك أو لأهله " كما قدمنا بيانه وقال في المسالك أيضا: ومصرفه مصرف الصدقة الواجبة، وقيل: المندوبة.
أقول: احتمال المندوبة بمعنى غير الفقير المستحق بعيد جدا، فإن اطلاق الصدقة في الكفارات والنذور ونحوها إنما يتبادر إلى المستحق من الفقراء والمساكين دون الأغنياء، كما صرحوا به، ولو كان الصائغ من ذوي الاستحقاق فهل يجوز له أخذه لنفسه اشكال، من أمره (عليه السلام) له بالصدقة، والمتبادر منه غيره من أفراد المستحقين، ولا بأس بالصدقة على عياله أو قرابته كما صرح به في النص.
والله العالم.
المسألة العاشرة لا خلاف في أن الدراهم والدنانير يتعين بالتعيين، فلو اشترى بدراهم معينة تعين الوفاء بها بجميع مشخصاتها، لعموم الوفاء بالعقود كما لو باع عرضا معينا، فإنه يجب الوفاء به، والمقتضي لوجوب الوفاء ثابت في الجميع فلا يجزي دفع غيرها، ولا يجوز ابدالها، ولو تلفت قبل القبض انفسخ البيع، ولم يكن له دفع العوض وإن حصلت المساواة في الأوصاف، ولا للبايع المطالبة بذلك، وإن وجد البايع بها عيبا لم يستبدلها، وإنما له الخيار بين فسخ العقد والرضا بها.
إذا عرفت ذلك فنقول: هيهنا صور، الأولى إذا اشترى دراهم بمثلها معينة كما لو قال: بعتك هذه الفضة بهذه مثلا فوجد ما صار إليه من البيع من غير جنس الدراهم كما لو ظهرت نحاسا أو رصاصا كان البيع باطلا، لأن ما وقع عليه العقد وهو ذلك الفرد المشار إليه غير مقصود بالشراء، وما هو مقصود بالشراء لم يقع عليه العقد، فيقع البيع باطلا، لتخلف القصد عما وقع عليه العقد، ولا فرق في ذلك بين الصرف وغيره، فلو باعه ثوبا كتانا فظهر صوفا، وكذا لو باعه بغلة فظهرت فرسا بطل البيع، ويجب رد الثمن وليس له الابدال، لوقوع العقد على عين مشخصة، فلا يتناول غيرها ولا الأرش، لعدم وقوع الصحيح والمعيب على هذه العين، وربما يخيل تغليب الإشارة هنا وهو باطل، وقد تقدم الكلام في ذلك.