يحتاج إلى التأمل، فلا ينبغي صحة بيع أحدهما بالآخر متساويا أيضا، للزيادة كما في اليابس من جنس بآخر رطبا، مثل الرطب والتمر والعنب والزبيب كما سيجئ فلا ينبغي النظر إلى مثل هذه الزيادة في وقت آخر بتبديل وتغيير، مع أنه معتبر عندهم كما سمعت في الرطب والتمر فتأمل في الفرق.
ومن حيث إن الظاهر كونهما من المكيل في زمانه (صلى الله عليه وآله) كما نقل ذلك في الحنطة بالاجماع، وعلى أنه يمكن أن يختار الوزن، لأنه أصل، ويجوز بيع المكيل به، لاجماع المنقول في شرح الشرايع على جواز بيع الحنطة بالوزن مع كونه مكيلا بالاجماع، ولكن الظاهر أنه تحصل الزيادة في الحنطة على الدقيق بعد الطحن، فإن اختار الوزن تحصل هذه باعتبار الكيل، وإن اختار الكيل تحصل الزيادة باعتبار الوزن، وهو ظاهر، فيمكن التوجيه بما تقدم ولعل الأول أولى، والاجتناب أحوط. انتهى كلامه، (زيد مقامه).
أقول: منشأ هذه الاشكالات مراعاة القوانين التي صرحوا بها في هذا الباب من اشتراط اتحاد الجنس، وأن الجنس، عبارة عماذا واحتمال كون الاتحاد والاختلاف بالنظر إلى الحقيقة الأصلية وإن اختلفت أسماء أفرادها، أو أنه لا بد من الاتحاد في الاسم، لدوران الأحكام الشرعية في جملة من المواضع مداره، والظاهر عندي من الأخبار الواردة في هذا الباب هو أن المراد إنما هو الأول، وهو الاتحاد في الحقيقة وإن تعددت أسماء أفرادها، لقوله (عليه السلام) في أخبار بيع الشعير بالحنطة:
" أصلهما واحد "، وقوله: " إن الشعير من الحنطة "، ومنعهم (عليهم السلام) في الأخبار المتقدمة هنا من التفاضل في العنب وما خرج منه وتفرع عليه من زبيب وعصير ودبس، وكذا الحنطة وما تفرع عليها من دقيق وسويق وخبز ونحو ذلك، وهكذا في التمر والرطب الدبس ونحو ذلك، فيصير كل من هذه الأصول وما تفرع منه نوعا واحدا وحقيقة واحدة وإن تعددت الأسماء، فإنه لا عبرة بتعددها