قالوا هذا كله إذا كان الفايت جزا من المبيع، وأما لو كان وصفا محضا، كما لو كان العبد كاتبا فنسي الكتابة قبل القبض، فللمشتري الرد خاصة، أو الامساك بجميع الثمن، لأن الفايت ليس جزا للمبيع، ومن ثم لو شرط كونه كاتبا فظهر بخلافه لم يستحق سوى الرد.
التاسع إذا باع شيئا فغصب من يد البايع، فإن أمكن استعادته من الغاصب في زمن يسير، بحيث لا يفوت فيه منفعة مقصودة يستلزم فواتها نقصا معتبرا، أو فوات غرض مقصود للمشتري، فليس للمشتري الفسخ، ويجب على البايع استعادته مع الامكان، لأن التسليم واجب عليه، ولا يتم إلا بذلك، وإن تعذرت استعادته أو أمكنت، لكن بعد مضي زمان يفوت فيه ما ذكرنا من المنافع المقصودة، والأغراض المطلوبة، فإن للمشتري الخيار حينئذ بين الفسخ والرجوع إلى ثمنه، وبين الرضا بالبيع وانتظار حصوله، وله الانتفاع بما لا يتوقف على القبض، كعتق العبد ونحوه.
ثم إن تلف في يد الغاصب فهو مما تلف قبل القبض، فيبطل البيع ولو مع رضائه بالصبر، ويحتمل أن يكون الرضاء به قبضا، ونحوه ما لو رضي به في يد البايع، ولو امتنع البايع من تسليمه فللمشتري الأجرة إذا سلمه بعد مدة تلزم فيها الأجرة لو كان له أجرة، ويحتمل أن يكون له الفسخ كما في أخذ الغاصب له ظلما، لأنه غاصب في هذه الحال.
ولو حبسه لنقد الثمن فإن ذلك له على ما يظهر من الأصحاب، فلا أجرة له حينئذ، وقد تقدم الكلام في ذلك في صدر هذا المقام، وكل موضع يجوز الحبس والمنع فنفقة المبيع على المشتري، لأنه ماله وله نماؤه، وإن لم يمكن من قبضه يكون في ضمان البايع.