ابن أبي عمير وابن أبي نجران، وقد عرفت أن عبد الرحمان الراوي عنه هو ابن أبي نجران، فهو قرينة ظاهرة له، فيكف حكم بصحة الرواية والحال هذه؟!.
ثم أقول: هذا الحمل وإن كان لا يخلو من تكلف إلا أنه في مقام الجمع لا بأس به.
والأقرب عندي أن هذه الأخبار إنما خرجت مخرج التقية، لما صرح به في المنتهى، حيث قال: " إنه إذا حلق وقصر حل له كل شئ إلا الطيب والنساء والصيد، ذهب إليه علماؤنا، وبه قال مالك، وقال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة: يحل له كل شئ إلا النساء، وبه قال ابن الزبير وعلقمة وسالم وطاووس والنخعي وأبو ثور ".
وظاهره أن المعظم منهم - وهم الأئمة الثلاثة ومن تبعهم - قائلون بتحليل الطيب بعد الحلق، كما دلت عليه الأخبار المذكورة.
وأما ما نقل عن الشيخ علي بن بابويه فهو مأخوذ من كتاب الفقه الرضوي على نهج ما عرفت في غير مقام مما قدمنا، قال (عليه السلام) في الكتاب المذكور (1): " واعلم أنك إذا رميت جمرة العقبة حل لك كل شئ إلا الطيب والنساء، وإذا طفت طواف الحج حل لك كل شئ إلا النساء، فإذا طفت طواف النساء حل لك كل شئ إلا الصيد، فإنه حرام على المحل في الحرم وعلى المحرم في الحل والحرم " انتهى.
ولا يخفى ما فيه من الاشكال، لما عرفت من دلالة الأخبار المتقدمة على أن التحليل لا يحصل إلا بعد الحلق الذي هو ثالث المناسك المذكورة ولا قائل به من العامة ولا الخاصة سوى الشيخين المذكورين، وقائله أعلم.