سيما على مذهبه المتقدم من عدم نجاسة الغسالة إلا بعد الانفصال عن المحل المغسول، ومن المعلوم أن الماء هنا بعد انفصاله عن الثوب المغسول يلاقيه في الإناء، واللازم مما ذكر تنجسه به.
وقد يتكلف في دفع الإيراد المذكور بأن المراد من الانفصال خروج الغسالة عن الثوب أو الإناء المغسول فيه، تنزيلا للاتصال الحاصل باعتبار الإناء منزلة ما يكون في نفس المغسول، للحديث المذكور.
قيل: ولا يخفى أن هذا التكلف إنما يحسن ارتكابه مع قيام الدليل الواضح على نجاسة الغسالة، وإلا فظاهر الرواية يدل على طهارة الغسالة.
وفيه (أولا) إن هذا التكلف إنما ارتكب لدفع المنافاة بين كلامي العلامة (قدس سره) من حكمه بنجاسة الغسالة بعد الانفصال وحكمه بطهارة الثوب في الصورة المفروضة، فنزل الإناء في الصورة المفروضة منزلة الثوب لتندفع به المنافاة بين كلاميه وأما الكلام في نجاسة الغسالة وطهارتها فهو بحث آخر.
و (ثانيا) أن دعوى دلالة الرواية على طهارة الغسلة مع تضمنها وجوب التعدد في الغسل محل اشكال كما عرفت، إلا أن يدعى حمل التعدد على محض التعبد وفيه ما تقدم. على إنه ربما يقال: أن أصل الاشكال مما لا ورود له في هذا المجال وإن ذكره بعض علمائنا الأبدال، وذلك فإن الثوب بعد وضعه في الإجانة وصب الماء عليه يغمره ويأتي عليه، فإن الماء يدخل في جميع أجزائه وإن انفصل بأسفل الإجانة، ولكن مثل هذا لا يعد انفصالا عرفا، بل الانفصال في مثل هذا إنما يصدق بعد رفع الثوب من الإجانة وخروج الماء بنفسه أو بالعصر.
(التاسع) قد عرفت أن محل الخلاف في الغسالة طهارة ونجاسة إنما هو مع عدم التغير، وإلا فلو تغيرت بالاستعمال تنجست اجماعا، والمشهور أن التغير المعتبر هنا هو التغير في أحد الأوصاف الثلاثة خاصة كما تقدم. ونقل عن العلامة في النهاية