وأما الثانية فقد تقدم نقل جواب العلامة عن ذلك وما أورده عليه، وما أجبنا به عن الإيراد المشار إليه، وما هو الحق في الجواب عن ذلك في المقام الثاني من الفصل الثالث في الماء القليل الراكد.
وتنظر والدي (نور الله تعالى ضريحه) فيما نقله في المدارك من اشتراط القائلين بطهارة الغسالة ورود الماء على النجاسة دون العكس، قائلا بعد نقله ذلك عنه: " لا يخفى ما فيه، لأن من جملة القائلين بطهارة الغسالة من قال بعدم نجاسة القليل مطلقا بالملاقاة ومن المعلوم أنه لا يظهر للشرط وجه عندهم. ومنهم من قال بنجاسة القليل بالملاقاة مطلقا كالشيخ (قدس سره) وابن إدريس ومن وافقهما من المتأخرين، فكيف يتم اشتراط ورود الماء على النجاسة دون عكسه في صحة التطهير بالقليل وطهارة الغسالة؟
بناء على أن الماء حينئذ لا ينجس بالملاقاة، مع قولهم بنجاسة القليل بالملاقاة مطلقا من غير فرق بين الأمرين، ومن ثم استوجه في الذكرى عدم اعتبار الورود مع ميله إلى طهارة الغسالة مطلقا، لأنه لو اقتضى ورود النجاسة على الماء نجاسة الغسالة وعدم صحة التطهير به، لاقتضى ذلك أيضا ورود الماء على النجاسة، لأن الامتزاج بالنجاسة حاصل على كل تقدير. وبهذا يعلم ما في الاستدلال على طهارة الغسالة أيضا، لابتنائه على هذا الاشتراط. وبالجملة فهذا الاشتراط وكذا الاستدلال المبني عليه لا يتم على القول بنجاسة القليل بالملاقاة مطلقا، ولا على القول بطهارته مطلقا. نعم يتجه على مذهب السيد المرتضى (عطر الله مرقده) حيث حكم بعدم نجاسة القليل في مادة ورود الماء على النجاسة دون عكسه، فيتجه هنا اشتراط الورود في صحة التطهير وطهارة الغسالة، لأنه مع ورود النجاسة على الماء ينجس، فلا يفيد المحل عنده طهارة فضلا عن طهارة غسالته.
نعم يبقى الاشكال في الحكم بطهارة الغسالة مع القول بنجاسة القليل بالملاقاة مطلقا، لحصول المنافاة بين الأمرين. وربما يجاب عنه حينئذ باختيار أن الغسالة قد خرجت بالدليل عن قاعدة نجاسة القليل بالملاقاة مطلقا، كما خرج ماء الاستنجاء منها.