من كلام ابن بابويه في الفقيه اختياره، حيث ساوى بينه وبين رافع الحدث الأكبر ورافع الحدث الأكبر طاهر اجماعا، ونقل عن المحقق الشيخ علي في بعض فوائده اختياره، ويعزى إلى جماعة من متقدمي الأصحاب اختياره أيضا كما نقله في المعالم.
ومقتضى مذهب السيد المرتضى (رضي الله عنه) الطهارة بشرط ورود الماء على النجاسة، واقتفاه ابن إدريس في ذلك، وإليه يميل كلام السيد السند في كتاب المدارك، والمحدث الأمين الأسترآبادي في تعليقاته عليه.
ونقل عن المبسوط الاستدلال عليه بأن ما يبقي في الثوب جزء منه، وهو طاهر اجماعا، فيكون المنفصل أيضا كذلك.
وفيه زيادة على ما سلف أن ما يبقى في الثوب إن أريد به ما هو أعم من الغسلة الأولى فالاجماع على طهارته ممنوع. وإن كان من الأخيرة فلا يثبت به المدعى بتمامه.
ونقل السيد في المدارك عن جماعة من الأصحاب أن من قال بطهارة الغسالة اعتبر فيها ورود الماء على النجاسة، قال: " وهو الذي صرح به المرتضى (رضي الله عنه) في المسائل الناصرية. ولا بأس به، لأن أقصى ما يستفاد من الروايات انفعال القليل بورود النجاسة عليه. فيكون غيره باقيا على حكم الأصل " انتهى.
أقول: ومن ثم احتجوا على هذا القول على ما نقله شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) في الروض بأنه لو حكم بنجاسة القليل الوارد لم يكن لوروده أثر، ومتى لم يكن له أثر لم يشترط الورود، فيطهر النجس وإن ورد على القليل، ولأنه لو حكم بنجاسته لم يطهر المحل بالغسل العددي. والتالي باطل بالاجماع. والملازمة واضحة.
وأنت خبير بما في الحجة الأولى كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في الكلام في المطهرات، من أن جملة من علمائنا القائلين بنجاسة القليل بالملاقاة اشترطوا في التطهير بالقليل وروده على النجاسة وإن نجس بعد حصول التطهير به، وحينئذ فالأثر المترتب على وروده حصول التطهير به وإن تنجس بعد ذلك.