كان عليك كبيرا) (87) ثلاث آيات.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " يسألونك عن الروح " يا محمد. واختلفوا في الروح الذي سألوا عنه. فقال ابن عباس: هو جبرائيل. وروي عن علي (ع) أن الروح ملك من الملائكة له سبعون الف وجه في كل وجه سبعون الف لسان يسبح الله بجميع ذلك. وقيل: هو روح الحيوان، وهو الأظهر في الكلام.
وقال قتادة: الذي سأله عن ذلك قوم من اليهود. وقيل: الروح هو القرآن، ذكره الحسن، لقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " (1) واختاره البلخي، وقوى ذلك بقوله بعدها: " ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك " يعني القرآن، فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم " الروح من أمر ربي " فعلى قول من قال: انهم سألوا عن القرآن أو عن جبرائيل أو الملك أو روح الحيوان، فقد أجاب عنه لأنه قال: " من أمر ربي " أي من خلق ربي وفعله. وعلى قول:
من قال إنهم سألوه عن ماهية الانسان، لم يجب، وإنما عدل عن جوابهم، لأنهم وجدوا في كتابهم انه إن أجاب عن الروح، فليس بنبي، فأراد صلى الله عليه وسلم ان يصدق نبوته بموافقة امتناعه من الجواب، لما في كتابهم. ويقوي ذلك قوله:
" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " اي لم أعط من العلم الا شيئا يسيرا، والأكثر لا اعلمه، لان معلومات الله تعالى لا نهاية لها. والروح من الأمور المتروكة التي لا يصلح النص عليها، لأنه ينافي الحكمة، لما فيه من الاستفساد. وإنما اعلم ما نص لي عليه مما يقتضي المصلحة، وهو قليل من كثير.
وقيل أيضا انهم لم يجابوا عن الروح، لان المصلحة اقتضت ان يحالوا على ما في عقولهم من الدلالة عليه، لما في ذلك من الرياضة على استخراج الفائدة، وان ما طريقه السمع، فقد اتى به، وما طريقه العقل، فإنما يأتي به مؤكدا لما في العقل لضرب من التأكيد، ولما فيه من المصلحة. والروح جسم رقيق هوائي على بنية حيوانية في كل جزء منه حياة، ذكره الرماني. وقال: كل حيوان،