وقال أبو علي: هموا بأن يخرجوه من ارض العرب لا من مكة فقط، إذ قد أخرجوه من مكة، وقال المعتمد ابن أبي سليمان عن أبيه: الأرض التي أرادوا استزلاله منها: هي ارض المدينة، لان اليهود قالت له: هذه الأرض ليست ارض الأنبياء وإنما أرض الأنبياء الشام. وقال قتادة ومجاهد: هي مكة، لان قريشا همت بإخراجه منها. ثم قال تعالى: انهم لو أخرجوك من هذه الأرض لما لبثوا، لما أقاموا بعدك فيها إلا قليلا. وقال ابن عباس والضحاك: المدة التي لبثوا بعده هو ما بين خروج النبي من مكة، وقتلهم يوم بدر. ومن قرأ خلافك أراد بعدك، كما قال الشاعر:
عقب الرذاذ خلافها فكأنما * بسط الشواطب بينهن حصيرا (1) الرذاذ المطر الخفيف، يصف روضة وأرضا غب مطرها، وكانت حضراء وقال الحسن الاستفزاز - ههنا - الفتل.
وقوله " وإذا لا يلبثون " بالرفع، لان (إذا) وقعت بعد الواو، فجاز فيها الالغاء، لأنها متوسطة في الكلام، كما أنه لابد من أن تلغى في آخر الكلام.
وقوله " سنة من قد أرسلنا " انتصب (سنة) بمعنى لا يلبثون. وتقديره: لا يلبثون لعذابنا إياهم كسنة من قبلك، إذ فعلت أممهم مثل ذلك. ثم قال " لا تجد لسنتنا تحويلا " اي تغييرا وانتقالا من حالة إلى حالة أخرى. بل هي على وتيرة واحدة. ثم امر نبيه صلى الله عليه وسلم فقال " أقم الصلاة " والمراد به أمته معه " لدلوك الشمس " اختلفوا في الدلوك، فقال ابن عباس، وابن مسعود، وابن زيد: هو الغروب والصلاة المأمور بها - ههنا - هي المغرب، وقال ابن عباس في رواية أخرى والحسن، ومجاهد، وقتادة: دلوكها زوالها، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع). وذلك أن الناظر إليها يدلك عينيه، لشدة شعاعها. واما عند غروبها فيدلك عينيه لقلة تبينها، والصلاة المأمور بها عند هؤلاء الظهر، وقال الراجز: