وكان هذا القول من امرأة إبراهيم على وجه التعجب بطبع البشرية، إذ ورد عليها ما لم تجربه العادة قبل ان تفكر في ذلك كما ولى موسى مدبرا حين انقلبت العصا حية حتى قيل له " أقبل ولا تخف " (1) وإلا هي كانت مؤمنة عارفة بأن الله تعالى يقدر على ذلك.
قال الرماني: والسبب في أن العجوز لا تلد أن الماء - الذي يخلق الله (عز وجل) منه الولد مع نطفة الرجل - قد انقطع بدلالة ارتفاع الحيض، فجعل الله الولد على تلك الحال معجزا لنبيه إبراهيم (ع).
وقال مجاهد: كان لإبراهيم في ذلك مئة سنة ولها تسع وتسعون سنة.
وقال ابن إسحاق: كان لإبراهيم مئة وعشرون سنة، ولسارة تسعون سنة.
والبعل الزوج، واصله القائم بالامر، فيقولون للنخل الذي يستغني بماء السماء عن سقي الأنهار والعيون: بعل، لأنه قائم بالامر في استغنائه عن تكلف السقي له، ومالك الشئ القيم بتدبيره: بعل، ومنه قوله تعالى " أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين " (2).
و (شيخا) نصب على الحال، والعامل فيه ما في هذا من معنى الإشارة أو التنبيه. وفي قراءة ابن مسعود بالرفع. ويحتمل الرفع في قوله سيبويه والخليل أربعة أوجه، فيرفع (هذا) بالابتداء، و (بعلي) خبره، و (شيخ) خبر ثاني، كأنه قال هذا شيخ، ويجوز ان يكونا خبرين لهذا، كقولك هذا حلو حامض، ويجوز أن يكون (بعلي) بدلا من (هذا) وبيانا له و (شيخ) خبره.
وقوله " ان هذا لشئ عجيب " أن يكون الولد بين عجوزين شيخين شئ يتعجب منه.