" فإنك رجيم " أي مرجوم بالذم والشتم (فعيل) بمعنى مفعول. وقد يكون (فعيل) بمعنى فاعل مثل رحيم بمعنى راحم.
" وان عليك اللعنة " اي عليك مع ذلك اللعنة، وهي الابعاد من رحمة الله، ولذلك لا يجوز ان تلعن بهيمة، فأما لعن إبليس إلى يوم الدين، فإن الله قد لعنه، والمؤمنون لعنوه لعنة لازمة إلى يوم الدين، وهو يوم القيامة. ثم يحصل بعد ذلك على الجزاء بعذاب النار. وقيل الدين - ههنا - الجزاء، ومثله " مالك يوم الدين " اي يوم الجزاء. ويقال لفلان دين اي طاعة يستحق بها الجزاء، وفلان يدين للملوك أي يدخل في عادتهم في الجزاء، فقال حينئذ إبليس: يا رب " انظرني إلى يوم يبعثون " اي أخر في وقتي إلى يوم يحشرون، يعني القيامة، يحشرهم الله للجزاء. والانظار والامهال واحد، فقال الله تعالى له: اني أنظرتك وأخرتك وجعلتك من جملة " المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " فقال قوم: هو يوم القيامة، أنظره الله في رفع العذاب عنه إلى يوم القيامة، وفي التبقية إلى آخر أحوال التكليف " ويوم يبعثون " يوم القيامة. وقد قيل: إن يوم الوقت المعلوم هو آخر أيام التكليف، وأنه سأل الانظار إلى يوم القيامة، لان لا يموت، إذ يوم القيامة لا يموت فيه أحد، فلم يجبه الله إلى ذلك. وقيل له " إلى يوم الوقت المعلوم " الذي هو آخر أيام التكليف. وقال البلخي: أراد بذلك إلى يوم الوقت المعلوم، الذي قدر الله أجله فيه، وهو معلوم، لأنه لا يجوز ان يقول تعالى لمكلف اني أبقيك إلى يوم معين لان في ذلك اغراء له بالقبيح.
واختلفوا في تجويز، إجابة دعاء الكافر، فقال الجبائي: لا يجوز، لان إجابة الدعاء ثواب، لما فيه من اجلال الداعي بإجابته إلى ما سأل وقال ابن الاخشاد:
يجوز ذلك، لان الإجابة كالنعمة في احتمالها أن تكون ثوابا وغير ثواب، لأنه قد يحسن منا ان نجيب الكافر إلى ما سأل استصلاحا له ولغيره، فأما قولهم:
فلان مجاب الدعوة، فهذه صفة مبالغة لا تصح لمن كانت إجابته نادرة من الكفار.