فقال (ارغب فيها) يريد بها يعنى بنتا له، يريد: ارغب بها عن لقيط، ولا ارغب بها عن قبيلته، وقوله " انا كفرنا بما أرسلتم به " حكاية أيضا عما قالوا للرسل فإنهم قالوا: إنا قد كفرنا بما أرسلتم به من الدعاء إلى الله وحده وتوجيه العبادة إليه، والعمل بشرائعه " وانا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب " والريب أخبث الشك المتهم، وهو الذي يأتي بما فيه التهمة، ولذلك وصفوا به الشك اي انه يوجب تهمة ما اتيتم به يقال: أراب يريب إرابة إذا أتى بما يوجب الريبة، فقالت لهم حينئذ رسلهم " أفي الله شك " مع قيام الأدلة على وحدانيته وصفاته، لأنه الذي خلق السماوات والأرض يدعوكم إلى عبادته ليغفر لكم من ذنوبكم إذا أطعتموه.
ودخلت (من) ههنا - في قول أبي عبيدة - زائدة، وأنكر سيبويه زيادتها في الواجب، وقال أبو علي: دخلت للتبعيض ووضع البعض موضع الجميع توسعا.
وقال قوم: دخلت (من) لتكون المغفرة بدلا من الذنوب، فدخلت (من) لتضمن المغفرة معنى البدل من السيئة " ويؤخركم إلى اجل مسمى " يعنى لا يؤاخذكم بعاجل العذاب، بل يؤخر إلى الوقت الذي ضربه الله لكم ان يمسكم فيه، فقال لهم قومهم " ان أنتم الا بشر مثلنا " اي ليس أنتم الا خلق مثلنا تريدون ان تمنعونا عما كان يعبد آباؤنا من الأصنام والأوثان، فأتونا بحجة واضحة على ما تدعونه وبطلان ما نحن عليه.
وفي الآية دلالة واضحة على أنه تعالى أراد بخلقه الخير والايمان، لا الشر والكفر، وأنه إنما بعث الرسل إلى الكفار رحمة وتفضلا، ليؤمنوا، لا ليكفروا، لان الرسل قالت: ندعوكم إلى الله ليغفر لكم، فمن قال إن الله أرسل الرسل إلى الكفار ليكفروا بهم ويكونوا سوءا عليهم ووبالا، وإنما دعوهم ليزدادوا كفرا فقد رد ظاهر القرآن.
قوله تعالى:
(قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن