له ولد " ولفظة سبحان تفيد التنزيه عما لا يليق به من الولد والصاحبة، لان من يملك ما في السماوات والأرض وما بينهما وله التصرف فيهما، وفيهم عيسى وأمه، وهم عبيده، وهو رازقهم وخالقهم، وهم أهل الحاجة إليه والفاقة، فكيف يكون المسيح ابنا له، وهو إما في الأرض أو في السماء. وهو تعالي يملك جميع ذلك، ويحتمل أن يكون في موضع نصب لأنه يصلح ان يقال عن أن يكون أو من أن يكون، فإذا حذف حرف الجر كانت في موضع نصب. وكان الكسائي يقول هو في موضع خفض. والأول قول الفراء وغيره.
وقوله: " وكفى بالله وكيلا " معناه حسب ما في السماوات وما في الأرض بالله قيما ومدبرا، ورازقا من الحاجة معه إلى غيره ومعنى كفى بالله اكتفوا بالله.
وقد شبهت النصارى قولها: انه ثلاثة أقانيم جوهر واحد بقولنا: سراج واحد، ثم نقول. انه ثلاثة أشياء دهن وقطن ونار وللشمس انها شمس واحدة، ثم نقول إنها جسم وضوء وشعاع. قال البلخي، وهذا غلط، لأنا وان قلنا إنه سراج واحد، لا نقول هو شئ واحد، ولا الشمس انها شئ واحد بل نقول هو أشياء على الحقيقة، كما نقول عشرة واحدة، وانسان واحد، ودار واحدة، وشهر واحد، وهي أشياء متغايرة. فان قالوا: إن الله شئ واحد حقيقة كما أنه إله واحد، فقولهم بعد ذلك أنه ثلاثة مناقضة لا يشبه ما قلناه. وان قالوا: هو أشياء، وليس بشئ واحد دخلوا في قول المشبهة، وتركوا القول بالتوحيد. والعجب انهم يقولون:
إن الأب له ابن والابن لا أب له، ثم يزعمون أن الذي له ابن هو الذي لا أب له، ويقولون إن من عبد الانسان، فقد أخطأ وضل، ثم يزعمون أن المسيح إله انسان، وانهم يعبدون المسيح. وقد تكلمنا على ما نعقل من مذاهبهم في الأقانيم والاتحاد والنبوة في كتاب شرح الجمل بما لا مزيد عليه لا نطول بذكره هاهنا.