والمعنى وما ألوم البيض ان تسخر ومثله قوله: " لا اقسم بهذا البلد " (1) " ولا اقسم بيوم القيامة " (2) والمعنى أقسم. ولا يجوز على القياس على ذلك أن تقول: لا أخلف عليك وتريد أخلف عليك، لان (لا) إنما تلغى إذا مضى صدر الكلام على غير النفي، فإذا بنيت الكلام على النفي، فقد نقضت الايجاب وإنما جاز الغاء (لا) في أول السورة، لان القرآن كله كالسورة الواحدة ألا ترى أن جواب الشئ فيه يقع وبينهما سور؟ كما قال تعالى جوابا لقوله: " وقالوا يا أيها الذين نزل عليه الذكر انك لمجنون " (3) فقال: " نون والقلم وما يسطرون. ما أنت بنعمة ربك بمجنون " (4) وبينهما سور كثيرة. ذكره الزجاج. وقوله: " إن امرؤ هلك " قال الفراء (هلك) في موضع جزم. ومثله قوله: " وان أحد من المشركين استجارك " (5) ولو كان موضعها يفعل كان جزما. وقال الزجاج: جاز مع أن تقديم الاسم قبل الفعل، لان (ان) لا تعمل في الماضي، ولأنها (أم) في الجزاء قال: والتقدير ان هلك امرؤ هلك. وانشد الفراء:
صعدة قد نبتت في حائر * أينما الريح تميلها تمل فجزم تميلها. وقد حال بينها وبين أينما بالاسم وهو الريح. وقال عمر: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكلالة، فقال: ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف. وفي خبر آخر - تكفيك آية الصيف.
وقوله: " امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك " يمنع أن يكون الأخت ترث مع البنت، لأنه شرط في ميراثها عدم الولد. والبنت ولد بلا خلاف بين أهل اللغة. وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أن الأخوات مع البنات عصبة خبر واحد، لا يلتفت إليه، لأنه يخالف نص القرآن. وبما قلناه قال ابن عباس، لأنه لم يجعل الأخوات مع البنات عصبة.