وقد ذكرنا لذلك نظائر فيما مضى، ولا نطول بإعادتها. وتقدير الآية: إلا أن المؤمن قد يقتل المؤمن خطأ وليس ذلك مما جعل الله له. وقال قوم: الاستثناء متصل والمعنى: لم يكن للمؤمن أن يقتل متعمدا مؤمنا. ومتى قتله متعمدا لم يكن مؤمنا فان ذلك يخرجه من الايمان، ثم قال: " إلا خطأ " ومعناه إن قتله له خطأ لا يخرجه من الايمان. ثم أخبر تعالى بحكم من قتل من المؤمنين مؤمنا خطأ، فقال: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ". ومعناه فعليه تحرير رقبة مؤمنة. يعني مظهرة للايمان وظاهر ذلك يقتضي أن تكون بالغة ليحكم لها بالايمان وذلك في ماله خاصة.
" ودية مسلمة إلى أهله " تؤديها عنه عاقلته إلى أولياء المقتول إلا أن يصدق أولياء المقتول حينئذ تسقط عنهم. وموضع (أن) من قوله: " إلا أن يصدقوا " نصب، لان المعنى فعليه ذلك إلا أن يصدقوا النزول:
وقيل: إن الآية نزلت في عياش ابن أبي ربيعة المخزومي: أخي أبي جهل، لأنه كان أسلم، وكان قد قتل رجلا مسلما بعد اسلامه، وهو لا يعلم باسلامه. وهذا قول مجاهد، وابن جريج، وعكرمة، والسدي. وقالوا: المقتول هو الحارث بن يزيد بن أبي نبشية العامري. ولم يعلم أنه أسلم، وكان أحد من رده عن الهجرة، وكان يعذب عياشا مع أبي جهل، قتله بالحرة بعد الهجرة. وقيل: قتله بعد الفتح وقد خرج من مكة وهو لا يعلم باسلامه. ورواه أبو الجارود عن أبي جعفر (ع).
وقال ابن زيد: نزلت في رجل قتله أبو الدرداء، كان في سرية فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة، فوجد رجلا من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف فقال:
لا إله إلا الله! فبدر فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم ثم وجد في نفسه شيئا فأتى رسول الله (ص) فذكر ذلك له، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ألا شققت عن قلبه فقال:
ما عسيت أن أجد! هل هو إلا دم أو ماء؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه قال كيف بي يا رسول الله؟ قال: فكيف بلا إله إلا الله؟! قال فكيف بي