أحدها - قال ابن عباس، ومجاهد: نزلت في ناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وآله فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قريش، ويرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا ها هنا وها هنا، فأمر الله بقتالهم ان لم يعتزلوا، ويصلحوا.
الثاني - قال قتادة: نزلت في حي كانوا بتهامة قالوا: يا نبي الله لا نقاتلك، ولا نقاتل قومنا. وأرادوا ان يأمنوا قومهم ويأمنوا نبي الله فأبى الله عليهم ذلك.
فقال: " كلما ردوا إلى الفتنة " يعني إلى الكفر " أركسوا فيها " يعني وقعوا فيها.
الثالث - قال السدي: نزلت في نعيم بن مسعود الأشجعي، وكان يأمن في المسلمين بنقل الحديث بين النبي صلى الله عليه وآله، والمشركين، فنزلت هذه الآية، وقال مقاتل: نزلت في أسد وغطفان.
المعنى:
وقال أبو العالية معنى قوله: " كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها " يعني كلما ابتلوا بها عموا فيها. وقال قتادة: كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه. والفتنة في اللغة هي الاختبار. والاركاس: الرجوع. فمعنى الكلام كلما ردوا إلى الاختبار، ليرجعوا إلى الكفر والشرك رجعوا إليه. وقوله: " فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم " معناه وان لم يعتزلوكم أيها المؤمنون هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم وهم كلما دعوا إلى الشرك أجابوا إليه (ويلقوا إليكم السلم) يعني ولم يستسلموا لكم فيعطوكم المقادة ويصالحوكم ويكفوا أيديهم عن قتالكم (فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم) يعني حيث أصبتموهم. ثم قال: " وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا " يعني حجة ظاهرة. وقال السدي، وعكرمة: السلطان الحجة وقال أبو علي: نزلت في قوم كانوا يظهرون الاسلام، فإذا اجتمعوا مع قريش اظهروا لهم الكفر. وهو قوله: (كلما ردوا إلى الفتنة) يعني الكفر (أركسوا فيها) بمعنى وقعوا فيها، فما داموا مظهرين للاسلام وكافين عن قتال المسلمين، فلا