فينبغي أن يقوم المعلم بنظام أمره في ذلك، ويمدحه في المحافل، ويأمر الناس بالاشتغال عليه والاخذ عنه، فإن الجاهل بحاله قد لا يأنس ولا يطمئن به وإن تصدى للتعليم، بدون إرشاد من هو معلوم الحال. ولينبه على حاله مفصلا ومقدار معلوماته وتقواه وعدالته، ونحو ذلك مما له مدخل في إقبال الناس على التعلم منه، فإن ذلك سبب عظيم لانتظام العلم وصلاح الحال.
كما أنه لو رأى منه ميلا إلى الاستبداد والتدريس ويعلم قصوره عن المرتبة واحتياجه إلى التعلم، ينبغي أن يقع ذلك عنده، ويشدد النكير عليه في الخلاء، فإن لم ينجع فليظهر ذلك على وجه صحيح المقصد حتى يرجع إلى الاشتغال ويتأهل للكمال.
ومرجع الامر كله إلى أن المعلم بالنسبة إلى المتعلم بمنزلة الطبيب، فلا بد له في كل وقت من تأمل العلة المحوجة إلى الاصلاح ومداواته على الوجه الذي تقتضيه العلة، وللذكي في تفصيل الحال مالا يدخل تحت الضبط، فإن لكل مقام مقالا صالحا، ولكل مرض دواء ناجحا. والله الموفق.