وأما ما ذهب بعض الأساطين قدس سرهم من مقاربي عصرنا إلى صحة كون عين واحدة ملكا لشخصين باعتبارين - بأن تمام العين من دون شركة الآخر ملكا لهذا، وكذلك تمام العين يكون ملكا للآخر، غاية الأمر ملكية كل واحد منهما لتمام العين باعتبار بعض منافعها غير بعض الآخر - فلا يخلو عن غرابة.
وأما لو وقف على العناوين العامة كالمساجد على المصلين والقناطر لكافة المسلمين بل لكافة العابرين والخانات لكافة المسافرين أو المدارس الدينية لكافة طلاب العلوم الدينية الاسلامية وكان مصداقا لاحد هذه العناوين فلا إشكال في أن هذا ليس من الوقف على النفس لو انتفع بها، لأنه كسائر مصاديق هذه العناوين، فحاله حالهم.
وذلك من جهة أن الوقف على الجهة ليس من قبيل الوقف على الطبيعة السارية كي يكون كل فرد منها موقوفا عليه، فيكون بالنسبة إلى حصة الواقف من قبيل الوقف على النفس، ولذلك لو وقف على السادات أو الفقهاء أو الفقراء وكان هو منهم، فشموله لنفسه ربما يقال إنه من قبيل الوقف على النفس، والوقف على إمام مسجد يكون هو إمامه حين الوقف أو إذا صار بعد الوقف يكون من هذا القبيل، لان إمام المسجد عنوان عام هو أحد مصاديقه، غاية الأمر في كل زمان فرده منحصر بواحد غالبا.
وكذلك الوقف على أفقه البلد، أو الأفقه بقول مطلق وكان هو مصداقه حين الوقف، أو صار بعد ذلك من هذا القبيل.
وأما الفرق بين كونه كذلك حين الوقف في الفرعين - أي: مسألة الوقف على إمام المسجد، ومسألة الوقف على الأفقه وأنه صار مصداقا لذلك العنوان بعد الوقف - بالصحة في الثاني دون الأول، فلا وجه له أصلا، والمسألة خلافية ولكن الأظهر عندي هو صحة هذا الوقف، وفاقا للمشهور.