ولكن أنت خبير بعدم تمامية هذه المقدمات، خصوصا المقدمة الأخيرة والأولى، بل الأقوى من الوجوه المذكورة هو الرجوع إلى الواقف، وذلك لان المال إما لم يخرج عن ملكه بالمرة أو يكون خروجه ما دام بقاء الموقوف عليهم لا مطلقا.
بقي الكلام في أنه بناء على المختار من أنه يرجع إلى الواقف أو ورثته فهل المراد هو الوارث حين موت الواقف أو حين انقراض الموقوف عليهم؟
وتظهر الثمرة فيما إذا كان للواقف ولدان - مثلا - أحدهما مات بعد موت المالك الواقف، ولكن قبل انقراض الموقوف عليهم. والثاني باق إلى زمان انقراضهم، فلو كان المراد الوارث حين موت الواقف فيرث ذلك الولد الذي مات قبل انقراض الموقوف عليهم، ويكون شريكا مع أخيه الباقي إلى زمان الانقراض، ويرث منه ورثته الباقون.
وأما لو كان المراد الوارث حال الانقراض، فيكون جميع المال لذلك الولد الباقي إلى زمان الانقراض.
والظاهر أن المراد من الوارث هو الوارث حال موت الواقف لا الوارث حال الانقراض، وذلك من جهة أن المناط في رجوع المال إليه كونه وارثا لمن يرجع إليه - أي الواقف وهذا المعنى يثبت له حال موت الواقف المورث، ولا ربط لانقراض الموقوف عليهم بكونه وارثا كما هو واضح.
إن قلت: إن حال موت الواقف ليس شئ في البين كي يرثه هذا الوارث، لان الرجوع بعد الانقراض، ولا بد في كونه وارثا من صدق (ما تركه الميت من حق أو مال فلوارثه) والمفروض أنه في حال موته لم يترك شيئا كي يرثه هذا الوارث.
قلت: بينا أن الرجوع إلى المالك أو وارثه يكون إما بناء على عدم خروج المال الموقوف عن ملك الواقف أصلا وفي هذه الصورة واضح أنه لا إشكال في البين. وإما بناء على أن تمليك الموقوف عليهم ليس تمليكا مطلقا، بل يكون مقيدا ببقائهم، فمن زمان انقراضهم لم يخرج عن ملك المالك من أول الأمر.