منها: الروايات الواردة في كيفية وقف الأئمة عليهم السلام ومن تعبيرهم عليهم السلام في تلك الروايات عن أوقافهم بالصدقة التي لا تباع ولا توهب ولا تورث (1).
ولا شك أن نفي هذه الأمور الثلاثة معا ملازم للدوام، بل نفي خصوص الإرث يكفي في إثبات شرطية الدوام لتحقق حقيقة الوقف. مضافا إلى أن في بعضها: (حتى يرثها وارث السماوات والأرض). وفي وقف أمير المؤمنين عليهم السلام داره التي كانت في بني زريق هذه العبارة مروية (صدقة لا تباع ولا توهب حتى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض) (2).
وتقريب الاستدلال بهذه الروايات هو أن الصدقة أنواع، والوقف نوع من تلك الأنواع، فهم عليهم السلام لتعيين هذا النوع من بين سائر الأنواع وصفوها بهذه الأوصاف وقيدوها بهذه القيود وليست هذه الأوصاف من الشروط الضمنية الخارجة عن ماهية الوقف، لان ظاهر هذه الروايات حسب القواعد العربية أن الصدقة هو مفعول مطلق نوعي ويكون قوله عليه السلام: (لا تباع ولا توهب ولا تورث) صفة معينة لذلك النوع.
فيكون حاصل المعنى أنه عليه السلام يتصدق بهذه الدار - مثلا - صدقة كذائية التي متصفة بكذا وكذا، أي: هذا النوع من الصدقة التي من آثارها وأحكامها عدم جواز بيعها ولا هبتها ولا إرثها حتى قيام القيامة، فعين الوقف وعرفه بهذه الأوصاف.
وأما القول بان الصدقة مصدر فلا يتصف بصفات العين.
ففيه: أنها تتصف بها باعتبار ما يتصدق به فتدل هذه الروايات على أن الدوام والتأبيد داخلان في حقيقة الوقف وماهيته.