ومنها: أن الوقف من العقود المملكة، ومفادها تمليك الموقوف للموقوف عليه، والتمليك لا يمكن بدون التأبيد، فإن الملكية الموقتة غير معهود في الشرع.
وفيه: أنه ممنوع بكلتا مقدمتيه: أما كون حقيقة الوقف تمليكا فمنقوض بالوقف على المساجد، ووقف نفس المساجد، حيث أن المشهور قالوا بأنه فك ملك لا أنه تمليك للمسلمين، بل منقوض بجميع الأوقاف التي تقفها الملاك على الجهات العامة، بل حقيقته - كما عرفه أكثر القدماء - مأخوذ من النبوي المشهور بأنه (تحبيس الأصل ) وتسبيل الثمرة) (1).
وليس في هذه العبارة ما يفيد أنه تمليك. وأما الملك الموقت فلا مانع منه إذا دل الدليل عليه، لأنه أمر اعتباري قابل للتوقيت وللتأبيد، فتابع للدليل واعتبار الشارع أو لاعتبار العقلاء.
وقد تقدم الكلام فيه في بدل الحيلولة في قاعدة (وعلى اليد ما أخذت) من إمكان رده كون بدل الحيلولة ملكا موقتا إلى زمان حصول المغصوب أو إمكان أو إلى زمان نفس الرد. وأيضا لو وقف على زيد عشر سنين ثم على الفقراء، فملكية زيد عشرة سنين تكون موقتا.
فظهر بطلان كلتا المقدمتين أي: لا يكون حقيقة الوقف هو التمليك، ولا يمتنع أيضا الملكية الموقتة، بل هو معهود من الشارع أيضا.
وقد حكى هذا الوجه لاعتبار التأبيد عن تقرير بحث شيخنا الأعظم قدس سره وهو من مثله لا يخلو عن غرابة.
ومنها: أن الوقف عبارة: عن توقيف العين الموقوفة وحبسه عن التقلبات والنقل والانتقال في عالم الاعتبار التشريعي، ومثل هذا المعنى يلائم مع التأبيد بل ينافي التوقيت.