وأما الانشاء فلا يمكن التعليق فيه، سواء أكان الانشاء والايجاد متعلقه أمرا تكوينيا وموجودا خارجيا أو أمرا اعتباريا، وذلك من جهة أن الانشاء والايجاد أمره دائر بين الوجود والعدم منجزا، لأنه إن أوجد ذلك الشئ الخارجي والموجود التكويني في عالم الخارج، أو الموجود الذهني في الذهن، أو الأمر الاعتباري كالملكية في عالم الاعتبار فقد تحقق الانشاء جزما بدون أي تعليق في البين وإن لم يوجد ذلك الشئ فلم يتحقق الايجاد قطعا وجزما وعلى كل حال ليس تعليق في البين.
وأما تعليق المنشأ فلا مانع منه عقلا، بل واقع في الشرعيات كثيرا، ففي الجعالة - مثلا - ينشأ الجاعل ملكية الجعل لكل من رد عليه ضالته، فالملكية المعلقة على رد الضالة هي التي تعلق بها الانشاء، كما في قوله تعالى: (ولمن جاء به حمل بعير) (1) وهكذا الحال في الوصية، فهو ينشأ الملكية المعلقة على موته، وفي التدبير ينشأ حرية عبده معلقا على موته.
وكذلك في النذر ينشأ ملكية المنذور للمنذور له معلقا على برء مرضه مثلا، أو قدوم ابنه عن سفره وأمثال ذلك مما يتداول بين الناس النذر لأجله.
وهذا معنى قولهم أن التعليق في الانشاء محال وأما في المنشأ فلا مانع منه عقلا، إلا أن الاجماع قام على بطلان العقود بالتعليق في منشأتها إلا ما خرج بالدليل، فيكون ذلك الدليل مخصصا للاجماع، كما ورد في الوصية والجعالة والتدبير كما عرفت (2).
وأما استدلال صاحب الجواهر قدس سره على بطلان التعليق في العقود، لأنه مناف مع ظاهر أدلة تسبيب الأسباب لترتب آثارها عليها، (3) وذلك لان ظاهرها حسب