كان يحصلها لو لم يحبسه - فهو له ضامن، سواء أكان هذا الذي فوت منافعه بالغا أو لم تكن.
ودليله إما قاعدة الاتلاف - بناء على صدق الاتلاف عليه عرفا، ولا شك في أنه لو حبس مالك الأغنام والأغنام في درية فاكلها الذئب يصدق على الحابس غرفا أنه أتلف الغنم.
وكذلك لو حبس مالك البستان ففسدت ثمراته - لعدم من يصلحها أو يبست أشجارها لعدم من يسقيها - فيصدق على الحابس أنه أتلفها.
فكذلك لو حبس ذا صنعة أو منعه عن الاشتغال بشغله، كما لو منع البناء من أن يبني، أو الصائغ من الصياغة يصدق عليه عرفا انه أتلف منافعه من عمله.
وفيه: الاتلاف اعدام شئ موجود، لا المنع عن ايجاده.
وإما قاعدة احترام مال المسلم وأن احترامه كاحترام دمه فإذا حبس ذا صنعة فوت عليه منافع اشغاله وأعماله التي كان يعملها لولا منع الحابس عن الاشتغال بها.
ولا شك في أن تلك المنافع مال وماله محترم، فمن فوته يجب عليه تدركه وغرمه.
وفيه ان المنافع وان كانت مالا ولكن بعد وجوده لا قبل، والحابس لم يتلف مالا موجودا ولا فوته على صاحبه، بل إنما منع عن أن يوجد، فلم يفوت مالا على صاحبه كي يكون ضامنا له بقاعدة الاحترام، ولكنه حيث يصح ان يواجر نفسه - والإجارة تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم عند أكثر الفقهاء قدس وإن عرف بتعاريف اخر ولا يمكن تمليك ما ليس بمالك له - فلابد وأن يقال بأن أعماله قبل وجودها مال، ولذلك تبادل بالمال، فإذا فوتها على المالك فقد فوت مالا محترما عليه، فيضمن بقاعدة الاحترام.