اللحم ويبيعه كالقصاب أو كالفراء الذي يبيع في دكانه الفراء، وهكذا أمثالهما، فهاهنا أمارتان على التذكية في عرض الآخر - أم لا؟ بل السوق أمارة على الامارة، بمعنى: أن الذي هو أمارة على التذكية أولا وبالذات هي اليد.
وأما سوق المسلمين فيستكشف منه أن البايع المجهول الحال - الذي لا يعلم حاله أنه مسلم كي تكون يده أمارة التذكية أم لا فتجري أصالة عدم التذكية ويحكم بلزوم الاجتناب - مسلم ويده يد المسلم وأمارة، وبناء على كونه أمارة على الامارة، فلو كان البائع معلوم الحال فلا أثر للسوق أصلا.
وذلك من جهة أن أمارية الامارة متقومة بعدم العلم على خلافها ولا على وفاقها، فلو علم أن البايع مسلم تكون يده حجة قطعا، ولا حاجة إلى السوق أصلا كما أنه لو علم أن البائع مشرك، فكونه في سوق المسلمين لا أثر له، وإن احتمل التذكية بأن تلقاه هذا المشرك من يد مسلم، ولكن هذا الاحتمال لا أثر له، لأنه لا يثبت به التذكية، لان السوق المعلوم الوجود ليس أمارة على التذكية على الفرض، ويد المسلم الذي معلوم الا مارية مشكوك الوجود، لأن المفروض أنه ليس إلا صرف احتمال أن تكون يد هذا المشرك مسبوقا بيد المسلم وأنه تلقاه من يده.
ولكن الظاهر من قيام سيرة المتدينين على الاعتماد على سوق المسلمين في أمر التذكية، وعدم السؤال والتفتيش عنها - هو أن كون هذا الجلد أو اللحم في سوق المسلمين يباع ويقع عليه التعاطي بينهم - علامة أنهم يرونه مذكى في الغالب، كما هو الشأن في أغلب الامارات، وإلا فليس هناك أمارة تكون دائم المطابقة، حتى القطع الوجداني فضلا عن الأمارات الظنية التي مناط حجيتها كونها غالب المطابقة.
وحاصل الكلام في هذا المقام هو أنه بعد العلم بأن المسلمين يجتنبون عن لحم غير المذكي بنص قوله تعالى: (إلا ما ذكيتم) (1) فتعاطي اللحم بالبيع والشراء في