بأن يقال: لو كان السوق كاشفا عن ذلك فلم يكن معنى للسؤال إذا رأوا أن المشركين يبيعونه، وأيضا لم يكن معنى لتعليق عدم السؤال على صلاتهم فيه، وذلك من جهة أن كلامه عليه السلام ظاهر في أن السوق أمارة وحجة كاشفة عن التذكية فيما كان السوق والبيع والمعاملة مخصوصا بالمسلمين، فلا يحتاج إلى السؤال.
وأما لو كان المشركون أيضا يبيعون ذلك بحيث يكون السوق مشتركا، أو كان البيع مخصوصا بهم فعند ذلك يجب عليكم المسألة والفحص، ولا أثر لكون البائع وحده في ذلك السوق مسلما في عدم وجوب السؤال، فيمكن أن تعد هذه الرواية من جملة أن دلالة السوق إذا كان مخصوصا بالمسلمين على التذكية أهم من دلالة يد المسلم، خصوصا إذا كان ذلك المسلم في السوق المخصوص بالكفار، بل وفي السوق المشترك أيضا.
وأما قوله عليه السلام بعد ذلك (وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه) فمن جهة أن صلاتهم فيه بمنزلة شهادتهم عملا بأنه مذكى، فهو أيضا طريق إلى أنه صار مذكى. و يؤيد ما ذكرناه من أن سوق المسلمين بنفسه طريق إلى أنه مذكى رواية إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام أنه قال: (لا بأس بالصلاة الفراء اليماني وفيما صنع في أرض الاسلام) قلت فإن كان فيما غير أهل الاسلام؟ قال عليه السلام: (إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس) (1).
وهذه الرواية ظاهرة في أن كون الجلد في أرض تكون مخصوصة بالمسلمين أو كان أغلب أهلها من المسلمين موجب لثبوت كونه من المذكى، ولا موجب لذلك ظاهرا إلا أمارية كونه في تلك الأرض لكونه من المذكى.
ومعلوم أنه لو كان بصرف وجوده في أرض الاسلام أو ما كان الغالب عليها