ولا يمكن أن يقال إن أمره عليه السلام بالاشتراء والصلاة فيها حكم ظاهري مجعول للشاك حتى يعلم من قبيل أصالة الطهارة، لأنه لو كان كذلك لكان استصحاب عدم التذكية حاكما على ذلك الأصل غير التنزيلي، وعلى فرض عدم حجية الاستصحاب نفس أصالة عدم التذكية تجري، لأدلة خاصة، فلا يبقي محل لذلك الحكم الظاهري الموهوم.
نعم بناء على مسلك صاحب المدارك قدس سره من أن أصالة عدم التذكية ليست أصلا برأسها، وإنما هو نفس الاستصحاب في مورد الشك في التذكية، ولاستصحاب ليس بحجة (1) لكان لهذا الكلام وجه.
ولكن ترده أدلة حجية الاستصحاب أولا وعلى تقدير تسليم عدم حجيته ترده الأدلة الخاصة التي تدل على حجية أصالة عدم التذكية.
ومنها: رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية، أيصلي فيها؟ فقال: (نعم ليس عليكم المسألة، إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم، إن الدين أوسع من ذلك) (2).
وهذه الرواية ظاهرة بل نص في أن في مورد الشك في التذكية لا يجب السؤال والتفتيش ويصلى فيها، مع أن مقتضى أصالة عدم التذكية هو عدم جواز الصلاة فيها، إلا بعد المسألة وتبين أنها ذكية، فليس هذا إلا لأجل وجود أمارة على التذكية، وهو هنا ليس إلا السوق.
ومنها: ما رواه الصدوق بإسناده عن سليمان بن جعفر الجعفري عن العبد الصالح