تواتر الاخبار به ولذلك لم يكفر منكرها، بخلاف غيرهم لتواتر الاخبار بقرآنيته. ووقع في البحر هنا اضطراب وخلل بينته فيما علقته عليه، وبما قررناه يعلم أنه كان على الشارح أن يبقى المتن على حاله ويسقط قوله اختلاف مالك ليكون جوابا عن إنكار مالك أيضا قرآنيتها، لان الشبهة لم تثبت بإنكاره، بل هي ثابتة قبله من جهة أخرى، فتدبر. قوله: (وقرأ بعدها وجوبا) الوجوب يرجع إلى القراءة والبعدية، وأشار إلى أنه يلزم بتركها الإعادة لو عامدا كالفتحة لما في التبيين والدرر، لان الفاتحة وإن كانت آكد للاختلاف في ركنيتها إلا أنه يظهر في الاثم لا في وجوب الإعادة كما قدمناه في أول بحث الواجبات. قوله: (سورة) أشار إلى أن الأفضل قراءة سورة واحدة، ففي جامع الفتاوى: روى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: لا أحب أن يقرأ سورتين بعد الفاتحة في المكتوبات، ولو فعل لا يكره، وفي النوافل لا بأس به. قوله: (إلا بالمسنون) وهو القراءة من طوال المفصل في الفجر والظهر، وأوساطه في العصر والعشاء، وقصاره في المغرب ط. قوله: (وأمن) هو سنة للحديث الآتي المتفق عليه كما في شرح المنية وغيره. واتفقوا على أنه ليس من القرآن كما في البحر: قوله: (بمد) هي أشهرها وأفصحها وقصر وهي مشهورة، ومعناه استجب ط. قوله: (وإمالة) أي في المد لعدم تأتيها في القصر ح، وحقيقة الإمالة أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة فتميل الألف كان بعدها ألف نحو الياء. أشموني. قوله: (ولا تفسد إلخ) أشار به إلى أن الكلام في نفي الفساد لا في تحصيل السنة، فإن السنة لا تحصل إلا بالثلاثة الأول كما أفاده ط. قوله: (بمد مع تشديد أو حذف ياء) أي حالة كون المد مصاحبا لأحدهما، لا لكل منهما، ففيه صورتان:
الأولى: المد، مع التشديد بلا حذف، فلا يفسد على المفتى به عندنا، لأنه لغة فيها حكاها الواحدي، ولأنه موجود في القرآن، لان له وجها، كما قال الحلواني: إن معناه ندعوك قاصدين إجابتك، لان معنى آمين، قاصدين، وأنكر جماعة من مشايخنا كونها لغة وحكم بفساد الصلاة. بحر.
والصورة الثانية: المد، مع حذف الياء بلا تشديد لوجوده في قوله تعالى: * (ويلك آمن) * (الأحقاف: 71) كما في الامداد فأو في كلامه لمنع الجمع فقط، لأنه لو أتى بالمد جامعا بين التشديد والحذف تفسد كما نبه عليه بعد، ولو كانت لمنع الخلو أيضا بأن أتى بالمد خاليا عن التشديد والحذف لزم التكرار لأنه اللغة الفصحى المتقدمة، فافهم. قوله: (بل بقصر مع أحدهما) أي مع التشديد بلا حذف الياء وهو آمين لعدم وجوده في القرآن، أو مع حذف الياء بلا تشديد وهو أمن، وفيه نظر لوجوده في قوله تعالى: * (فإن أمن) * (البقرة: 382) ح: أي ولذلك لم يذكره في البحر والنهر.
هذا، وذكر في الحلية الأول لغة ضعيفة فقال: وقصرها وتشديد الميم، حكاها بعضهم عن ابن الأنباري واستضعفت، ويظهر أن الأشبه فساد الصلاة بها ا ه. قوله: (أو بمد معها) أي مع التشديد وحذف الباء وهو آمن فإنه مفسد لعدم وجوده في القرآن.
وحاصل ما ذكره ثمانية أوجه: خمسة صحيحة، وثلاثة مفسدة، وبقي تاسع وهو أمن بالقصر