والقدوري أنه إذا رفع إحداهما دون الأخرى لا يجوز. وقد رأيت في بعض النسخ فيه روايتان ا ه.
ومشى على رواية الجواز رفع إحداهما في الفيض والخلاصة وغيرهما، فصار في المسألة ثلاث روايات: الأولى فرضية وضعهما. الثانية فرضية إحداهما. الثالثة عدم الفرضية، وظاهره أنه سنة. قال في البحر: وذهب شيخ الاسلام إلى أن وضعهما سنة فتكون الكراهة تنزيهية ا ه. وقد اختار في العناية هذه الرواية الثالثة وقال: إنها الحق، وأقره في الدرر. ووجهه أن السجود لا يتوقف تحققه على وضع القدمين فيكون افتراض وضعهما زيادة على الكتاب بخبر الواحد، لكن رده في شرح المنية وقال إن قوله هو الحق بعيد عن الحق وبضده أحق، إذ لا رواية تساعده والدراية تنفيه، لان ما لا يتوصل إلى الفرض إلا به فهو فرض، وحيث تظافرت الروايات عن أئمتنا بأن وضع اليدين والركبتين سنة، ولم ترد رواية بأنه فرض تعين وضع القدمين أو إحداهما للفرضية، ضرورة التوصل إلى وضع الجبهة، وهذا لو لم ترد به عنهم رواية، كيف والروايات فيه متوافرة ا ه. ويؤيده ما في شرح المجمع لمصنفه حيث استدل على أن وضع اليدين والركبتين سنة بأن ماهية السجدة حاصلة بوضع الوجه والقدمين على الأرض إلخ، وكذا ما في الكفاية عن الزاهدي من أن ظاهر الرواية ما ذكر في مختصر الكرخي، وبه جزم في السراج فقال: لو رفعهما في حال سجوده لا يجزيه، ولو رفع إحداهما جاز. وقال في الفيض: وبه يفتى.
هذا، وقال في الحلية: والأوجه على منوال ما سبق هو الوجوب لما سبق عن الحديث ا ه:
أي على منوال من حققه شيخه من الاستدلال على وجوب وضع اليدين والركبتين، وتقدم أنه أعدل الأقوال فكذا هنا، فيكون وضع القدمين كذلك، واختاره أيضا في البحر والشرح نبلالية.
قلت: ويمكن حمل كل من الروايتين السابقتين عليه بحمل ما ذكره الكرخي وغيره من عدم الجواز برفعهما على عدم الحل لا عدم الصحة، وكذا نفى التمرتاشي وشيخ الاسلام فرضية وضعهما لا ينافي الوجوب، وتصريح القدوري بالفرضية يمكن تأويله، فإن الفرض قد يطلق على الواجب. تأمل. وما مر عن شرح المنية للبحث فيه مجال، لان وضع الجبهة لا يتوقف تحققه على وضع القدمين، بل توقفه على الركبتين واليدين أبلغ، فدعوى فرضية وضع القدمين دون غيرهما ترجيح بلا مرجح، والروايات المتظافرة إنما هي في عدم الجواز كما يظهر من كلامهم في الفرضية، وعدم الجواز صادق بالوجوب كما ذكرنا، ولم ينقل التعبير بالفرضية إلا عن القدوري، ولهذا والله أعلم قال في البحر: وذكر القدوري أن وضعهما فرض، وهو ضعيف اه.
والحاصل أن المشهور في كتب المذهب اعتماد الفرضية، والأرجح من حيث الدليل والقواعد عدم الفرضية، ولذا قال في العناية والدرر: إنه الحق. ثم الأوجه حمل عدم الفرضية على الوجوب، والله أعلم. قوله: (ولو واحدة) صرح به في الفيض. قوله: (نحو القبلة) قال في البزازية: والمراد بوضع القدم هنا وضع الأصابع أو جزء من القدم وإن وضع أصبعا واحدة أو ظهر القدم بلا أصابع، إن وضع مع ذلك إحدى قدميه صح إلا لا ا ه. قال في شرح المنية بعد نقله ذلك: وفهم منه أن المراد بوضع الأصابع توجيهها نحو القبلة ليكون الاعتماد عليها، وإلا فهو وضع ظهر القدم، وقد جعلوه غير معتبر، وهذا مما يجب التنبه له، فإن أكثر الناس عنه غافلون اه.
أقول: وفيه نظر، فقد قال في الفيض: ولو وضع ظهر القدم دون الأصابع، بأن كان المكان