حيث ذكر أن بعضهم عبر بالاستمتاع فيشمل النظر، وبعضهم بالمباشرة فلا يشمله، ومال إلى الثاني، ومال أخوه في النهر إلى الأول، وانتصر العلامة ح. للأول.
وأقول: فيه نظر، فإن من عبر بالمباشرة: أي التقاء بالبشرة ساكت عن النظر، ومن عبر بالاستمتاع مانع للنظر، فيؤخذ به لتقدمه على المفهوم، على أنه نقل في الحقائق في باب الاستحسان عن التحفة، والخانية: يجتنب الرجل من الحائض ما تحت الإزار عند الامام. وقال محمد يجتنب شعار الدم: يعني الجماع فقط.
ثم اختلفوا في تفسير قول الإمام: قيل لا يباح الاستمتاع من النظر ونحوه بما دون السرة إلى الركبة ويباح ما وراءه، وقيل يباح مع الإزار ا ه.
ولا يخفى أن الأول صريح في عدم حل النظر إلى ما تحت الإزار، والثاني قريب منه، وليس بعد النقل إلا الرجوع إليه، فافهم. قوله: (ومباشرتها له) سبب تردده في المباشرة تردد البحر فيها، حيث قال: ولم أر لهم حكم مباشرتها له.
ولقائل أن يمنعه بأنه لما حرم تمكينها من استمتاعه بها حرم فعلها به بالأولى. ولقائل أن يجوزه بأن حرمته عليه لكونها حائضا، وهو مفقود في حقه فحل لها الاستمتاع به، ولان غاية مسها لذكره أنه استمتاع بكفها وهو جائز قطعا ا ه. واستظهر في النهر: الثاني، لكن فيما إذا كانت مباشرتها له بما بين سرته وركبته، كما إذا وضعت يدها على فرجه، كما اقتضاه كلام البحر، لا إذا كانت بما بين سرتها وركبتها، كما إذا وضعت فرجها على يده، فهذا كما ترى تحقيق لكلام البحر لا اعتراض عليه، فافهم، وهو تحقيق وجيه لأنه يجوز له أن يلمس بجميع بدنه حتى بذكره جميع بدنها إلا ما تحت الإزار، فكذا هي لها أن تلمس بجميع بدنها إلا ما تحت الإزار جميع بدنه حتى ذكره، وإلا فلو كان لمسها لذكره حراما لحرم عليها تمكينه من لمسه بذكره لما عدا ما تحت الإزار منها، وإذا حرم عليه مباشرة ما تحت إزارها حرم عليها تمكينه منها فيحرم عليها مباشرتها له بما تحت إزارها بالأولى.
قوله: (وقراءة قرآن) أي ولو دون آية من المركبات لا المفردات، لأنه جوز للحائض المعلمة تعليمه كلمة كلمة كما قدمناه، وكالقرآن التوراة والإنجيل والزبور كما قدمه المصنف. قوله: (بقصده) فلو قرأت الفاتحة على وجه الدعاء أو شيئا من الآيات التي فيها معنى الدعاء ولم ترد القراءة لا بأس به كما قدمناه عن العيون لأبي الليث، وأن مفهومه أن ما ليس فيه معنى الدعاء كسورة أبي لهب لا يؤثر فيه قصد غير القرآنية. قوله: (ومسه) أي القرآن ولو في لوح أو درهم أو حائط، لكن لا يمنع إلا من مس المكتوب، بخلاف المصحف فلا يجوز مس الجلد وموضع البياض منه. وقال بعضهم:
يجوز، وهذا أقرب إلى القياس، والمنع أقرب إلى التعظيم كما في البحر: أي والصحيح المنع كما نذكره، ومثل القرآن سائر الكتب السماوية كما قدمناه عن القهستاني وغيره، وفي التفسير والكتب الشرعية خلاف مر. قوله: (إلا بغلافه المنفصل) أي كالجراب والخريطة دون المتصل كالجلد المشرز هو الصحيح، وعليه الفتوى، لان الجلد تبع له. سراج. وقدمنا أن الخريطة الكيس.
أقول: ومثلها صندوق الربعة، وهل مثلها كرسي المصحف إذا سمر به؟ يراجع. قوله: (وكذا يمنع حمله) تبع فيه صاحب البحر حيث ذكره عند تعداد أحكام الحيض. وفيه أنه إن أراد به حمله استقلالا أغنى عنه ذكر المس، أو تبعا فلا يمنع منه.