بعده على خلاف الإمام الشافعي حيث قيده بالخارج من السبيلين. قوله: (أي يلحقه حكم التطهير) فائدة ذكر الحكم دفع ورود داخل العين وباطن الجرح، إذ حقيقة التطهير فيهما ممكنة، وإنما الساقط حكمه. نهر وسراج. ويظهر منه أن الكلام في جرح يضره الغسل بالماء، فلو لم يضر نقض ما سال فيه لان حكم التطهير وهو وجوب غسله غير ساقط، والمراد بالتطهير ما يعم الغسل والمسح في الغسل أو في الوضوء كما ذكره ابن الكمال، ليشمل ما لو سال إلى محل يمكن مسحه دون غسله للعذر كما أشار إليه في الحلية أيضا، وزاد في شرح المنية الكبير بعد قوله في الغسل أو في الوضوء، قوله أو في إزالة النجاسة الحقيقية، لئلا يرد ما لو افتصد وخرج منه دم كثير ولم يتلطخ رأس الجرح فإنه ناقض، مع أنه لم يسل إلى ما يلحقه حكم التطهير لأنه سال إلى المكان دون البدن، وبزيادة ذلك لا يرد لان المكان يجب تطهيره في الجملة للصلاة عليه، ولهذا عمم في البحر ما يلحقه حكم التطهير بقوله من بدن وثوب ومكان.
أقول: يرد عليه ما لو سال إلى نهر ونحوه مما لا يصلي عليه. وما لو مص العلق أو القراد الكبير وامتلأ دما فإنه ناقض كما سيأتي متنا، فالأحسن ما في النهر عن بعض المتأخرين من أن المراد السيلان ولو بالقوة: أي فإن دم الفصد ونحوه سائل إلى ما يلحقه حكم التطهير حكما. تأمل.
ثم اعلم أن المراد بالحكم الوجوب كما صرح به غير واحد. زاد في الفتح: أو الندب، وأيده في الحلية وتبعه في البحر بقولهم، إذا نزل الدم إلى قصبة الانف نقض، وليس ذاك إلا لكون المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم مسنونة، وحدها أن يصل الماء إلى ما اشتد من الانف. ورد في النهر بأن المراد بالقصبة ما لان من الانف، ولذا عبر به الزيلعي كالهداية، ومعلوم أن ما لان يجب تطهيره لا يندب، فلا حاجة إلى زيادة الندب.
أقول: صرح في غاية البيان بأن الرواية مسطورة في كتب أصحابنا بأنه إذا وصل إلى قصبة الانف ينتقض وإن لم يصل إلى ما لان خلافا لزفر، وأن قول الهداية: ينتقض إذا وصل إلى ما لان، بيان لاتفاق أصحابنا جميعا: أي لتكون المسألة على قول زفر أيضا، قال: لان عنده لا ينتقض ما لم يصل إلى مالان لعدم الظهور قبله، فهذا صريح في أن المراد بالقصبة ما اشتد، فاغتنم هذا التحرير المفرد الملخص مما علقناه على البحر ومن رسالتنا المسماة ب (الفوائد المخصصة بأحكام كي الحمصة). قوله: (مجرد الظهور) من إضافة الصفة إلى الموصوف: أي الظهور المجردة عن السيلان، فلو نزل البول إلى قصبة الذكر لا ينقض لعدم ظهوره، بخلاف القلفة فإنه بنزوله إليها ينقض الوضوء، وعدم وجوب غسلها للحجر، لا لأنها في حكم الباطن كما قاله الكمال ط. قوله: (عين السيلان) اختلف في تفسيره: ففي المحيط عن أبي يوسف: أن يعلو وينحدر. وعن محمد: إذا انتفخ على رأس الجرح وصار أكثر من رأسه نقض. والصحيح لا ينقض ا ه. قال في الفتح بعد ما نقله ذلك: وفي الدراية جعل قول محمد أصح، ومختار السرخسي الأول وهو الأولى ا ه. أقول: وكذا صححه قاضي خان وغيره. وفي البحر: تحريف تبعه عليه ط فاجتنبه. قوله: (لما قالوا) علة للمبالغة ط. قوله: (لو مسح الدم كلما خرج الخ) وكذا إذا وضع عليه قطنا أو شيئا آخر حتى ينشف ثم وضعه ثانيا وثالثا فإنه