بالتشديد وهو قول أكثر المحدثين والصحيح تخفيفهما والتنعيم أقرب أطراف الحل إلى مكة والتنعيم بفتح التاء وهو بين مكة والمدينة على ثلاثة أميال من مكة وقيل أربعة قيل سمى بذلك لان عن يمينه جبلا يقال له نعيم وعن شماله جبل يقال له ناعم والوادي نعمان (أما) الأحكام ففيه مسألتان (إحداهما) ميقات المكي بالحج نفس مكة وفيه وجه ضعيف انه مكة وسائر الحرم وقد سبقت المسألة في أول الباب واضحة بفروعها والمراد بالمكي من كان بمكة عند إرادة الاحرام بالحج سواء كان مستوطنها أو عابر سبيل (المسألة الثانية) إذا كان بمكة مستوطنا أو عبار سبيل وأراد العمرة فيمقاته أدني الحل نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب قال أصحابنا يكفيه الحصول في الحل ولو بخطوة واحدة من أي الجهات كان جهات الحل هذا هو الميقات الواجب (وأما) المستحب فقال الشافعي في المختصر أحب أن يعتمر من الجعرانة لان النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها فان أخطأه منها فمن التنعيم لان النبي صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة منها وهي أقرب الحل إلى البيت فان أخطأه ذلك فمن الحديبية لان النبي صلى الله عليه وسلم صلي بها من الجعرانة وبعدها في الفضيلة التنعيم ثم الحديبية كما نص عليه واتفق الأصحاب على التصريح بهذا في كل الطرق ولا خلاف في شئ منه الا ان الشيخ أبا حامد قال الذي يقتضيه المذهب ان الاعتمار من الحديبية بعد الجعرانة أفضل من التنعيم فقدم الحديبية على التنعيم (وأما) قول المصنف في التنبيه الأفضل ان يحرم بها من التنعيم فغلط ومنكر لا يعد من المذهب الا أن يتأول على إذا أراد أفضل أدني الحل التنعيم فإنه قال أولا خرج إلى أدنى الحل والأفضل ان يحرم من التنعيم فالاعتذار عنه بهذا وما أشبهه أحسن من تخطئته وليست المسألة خفية أو غريبة ليعذر في الغلط فيها واستدل الشافعي للاحرام من الحديبية بعد التنعيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلي بها وأراد المدخل لعمرته منها وهذا صحيح معروف في الصحيحين وغيرهما وكذلك استدل محققوا الأصحاب وهذا الاستدلال هو الصواب (وأما) قول الغزالي في البسيط وقول غيره انه صلى الله عليه وسلم هم بالاحرام بالعمرة من الحديبية فغلط صريح بل ثبت في صحيح البخاري في كتاب المغازي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بالعمرة عام الحديبية من ذي الحليفة والله أعلم *
(٢٠٥)