(فرع) إذا كان البحر مفرقا أو كان قد اغتلم وماج حرم ركوبه لكل سفر لقول الله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) ولقوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) هكذا صرح به إمام الحرمين والأصحاب (فرع) مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد أنه يجب الحج في البحر ان غلبت فيه السلامة والا فلا وهذا هو الصحيح عندنا كما سبق ومما جاء في هذه المسألة من الأحاديث حديث ابن عمر وبن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يركبن أحد بحرا إلا غازيا أو معتمرا أو حاجا وإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا) رواه أبو داود والبيهقي وآخرون قال البيهقي وغيره قال البخاري هذا الحديث ليس بصحيح رواه البيهقي من طرق عن ابن عمرو وموقوفا والله أعلم * قال المصنف رحمه الله تعالى * (وإن كان أعمي لم يجب عليه الا أن يكون معه قائد لان الأعمى من غير قائد كالزمن ومع القائد كالبصير) * (الشرح) قال أصحابنا ان وجد للأعمى زاد وراحلة ومن يقوده ويهديه عند النزول ويركبه وينزله وقدر على الثبوت على الراحلة بلا مشقة شديدة لزمه الحج وكذلك مقطوع اليدين والرجلين ولا يجوز لهما الاستئجار للحج عنهما والحالة هذه وان لم يكن كذلك لم يلزمها الحج بأنفسهما ويكونان معضوبين هذا هو الصحيح في مذهبنا وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد * وقال أبو حنيفة في أصح القولين عنه يجوز له الاستئجار للحج عنه في الحالين ولا يلزمه الحج بنفسه قال صاحب البيان قال الصيمري وبه قال بعض أصحابنا وحكى هذا الوجه أيضا الدارمي عن ابن القطان عن ابن أبي هريرة عن أبي على ابن خيران والمشهور من مذهبنا ما سبق واستدل أصحابنا بأنه في الصورة الأولي قادر على الثبوت على الراحلة فأشبه البصير وقاسه الماوردي على جاهل الطريق وأفعال الحج وعلى الصم فإنهما يلزمهما الحج بالاتفاق وكذلك يلزمهما الجمعة إذا وجدا القائد والفرق بينه وبين الجهاد أن الجهاد يحتاج إلى القتال والأعمى ليس من أهل القتال بخلاف الحج قال الرافعي والقائد في حق الأعمى كالمحرم في حق المرأة يعني فيكون في وجوب استئجاره وجهان (أصحهما) الوجوب وهو مقتضى كلام الجمهور والله أعلم *
(٨٥)