يلزمه الحج سواء طلب الرصدي شيئا قليلا أو كثيرا إذا تعين ذلك الطريق ولم يجد غيره سواء كان العدو الذي يخافه مسلمين أو كفارا لكن قال أصحابنا إن كان العدو كافرا وأطاق الحاج مقاومتهم استحب لهم الخروج إلى الحج ويقاتلونهم لينالوا الحج والجهاد جميعا وإن كانوا مسلمين لم يستحب الخروج ولا القتال قال أصحابنا ويكره بذل المال للرصديين لأنهم يحرصون على التعرض للناس بسبب ذلك هكذا صرح به القاضي حسين والمتولي والبغوي ونقله الرافعي وغيرهم ولو وجدوا من يخفرهم بأجرة وغلب على الظن أمنهم ففي وجوب استئجاره ووجوب الحج وجهان حكاهما إمام الحرمين (أصحهما) عنده وجوبه لأنه من جملة أهب الطريق فهو كالراحلة (والثاني) لا يجب لان سبب الحاجة إلى ذلك خوف الطريق وخروجها عن الاعتدال وقد ثبت أن أمن الطريق شرط هكذا ذكر الوجهين امام الحرمين وتابعه الغزالي والرافعي والذي ذكره المصنف وجماهير الأصحاب من العراقيين والخراسانيين أنه إذا احتاج إلى خفارة لم يجب الحج فيحمل على أنهم أرادوا بالخفارة ما يأخذه الرصديون في المراصد وهذا لا يجب الحج معه بلا خلاف ولا يكونون متعرضين لمثله قال إمام الحرمين ويحتمل أنهم أرادوا الصورتين فيكون خلاف ما قاله ولكن الاحتمال الأول أصح واظهر في الدليل فيكون الأصح على الجملة وجوب الحج إذا وجدوا من يصحبهم الطريق بخفارة ودليله ما ذكره الامام وقد صححه امامان من محققي متأخري أصحابنا أبو القاسم الرافعي وأبو عمر وبن الصلاح مع اطلاعهما على عبارة الصحاب التي ذكرناها والله أعلم * ولو امتنع محرم المرأة من الخروج معها الا بأجرة قال امام الحرمين هو مقيس على اجرة الخفير واللزوم في المحرم أظهر لان الداعي إلى الأجرة معنى في المرأة فهو كمؤنة المحمل في حق المحتاج إليه والله أعلم * (فرع) قال البغوي وغيره يشترط لوجوب الحج وجود رفقة يخرج معهم في الوقت الذي جرت عادة أهل بلده بالخروج فيه فان خرجوا قبله لم يلزمه الخروج معهم وان أخروا الخروج بحيث لا يبلغوا مكة الا بان يقطعوا في كل أكثر من يوم مرحلة لم يلزمه أيضا قال البغوي لو لم يجد المال حال خروج القافلة ثم وجده بعد خروجهم بيوم لم يلزمه أن يتبعهم هذا كله إذا خاف في الطريق فإن كانت آمنة بحيث لا يخاف الواحد فيها لزمه ولا يشترط الرفقة *
(٨٢)