فإنه قاله ولا يقوله الا عن ثبت * هذا كلام الامام * وقد ذكر القاضي حسين ان من أصحابنا من قال إن هذا القول ليس مذهبا للشافعي إنما هو مذهب عطاء قال القاضي والأصح انه قول للشافعي (وأما) احتجاج المصنف وغيره لهذا القول بان الشاة كانت تساوى ثلاثة دراهم فإنما هو مجرد دعوى لا أصل لها فان أرادوا انها كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم تساوى ثلاثة دراهم فهو مردود لان النبي صلى الله عليه وسلم عادل بينها وبين عشرة دراهم في الزكاة فجعل الجبران شاتين أو عشرين درهما وان أراد انها كانت تساوى ثلاثة دراهم في زمن آخر لم يكن فيه حجة ولا يلزم اعتماد هذا في جميع الأزمان * وأنكر صاحب التتمة على الأصحاب قولهم إن الشاة كانت تساوى ثلاثة دراهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هذا باطل لأوجه (أحدها) ان الموضع الذي يصار فيه إلى التقويم في فدية الحج لا تخرج الدراهم بل يصرف الطعام وهو جزاء الصيد فكان ينبغي ان يصرف في الطعام (والثاني) ان الاعتبار في القيمة بالوقت لا بما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في جزاء الصيد فإنه يقوم مالا مثل له من النعم بقيمة الوقت فكان ينبغي ان يجب ثلث قيمة شاة (الثالث) ان الشرع خير بين الشاة والطعام والطعام يحتمل التبعيض كما ذكرنا * قال صاحب التتمة وأما توجيه القول بان في الشعرة مدا بان الشرع عدل الحيوان بالطعام في جزاء الصيد وغيره وأقل ما يجب في الشرع للفقير في الكفارات مد والشعرة الواحدة هي النهاية في القلة فأوجبنا في مقابلتها أقل ما يوجب فدية في الشرع فهذا التوجيه فيه ضعف لأنه إذا لم يكن بد من الرجوع إلى الطعام فقد قابل الشرع الشاة في فدية الحلق بثلاثة آصع والآصع مما يحتمل التقسيط فكان ينبغي ان يجب في مقابلة الشعرة صاع قال ومن قال يجب في الشعرة ثلث درهم فهو أقرب إلى القياس * قال وعلى مقتضي هذا ينبغي ان يتخير بين ثلث شاة وبين ان يتصدق بصاع وبين ان يصوم يوما كما يتخير في ثلاث شعرات بين شاة وصوم ثلاثة أيام واطعام ثلاثة آصع قال لكن هذا القول فيه اشكال من جهة المذهب لأنه يضمن فيما لو جرح ظبية فنقص عشر قيمتها ان عليه عشر ثمن شاة وما أوجبه عشر شاة قال فالقياس
(٣٧٣)