من في ذمته حجة مرسلة بإجارة فإذا نوى التطوع بالحج انصرف إلى ما في ذمته كما لو نوى التطوع وعليه حجة الاسلام أو النذر أو القضاء فإنه ينصرف إلى ما عليه دون التطوع بلا خلاف (والوجه الثاني) وهو الصحيح وهو قول سائر الأصحاب يقع تطوعا للأجير قال إمام الحرمين وما قاله شيخي أبو محمد انفرد به ولا يساعده عليه أحد من الأصحاب لأنا إنما نقدم واجب الحج على نفله لأمر يرجع إلى نفس الحج مع بقاء الأمة على تقديم الأولى فالأولى في مراتب الحج (وأما) الاستحقاق على الأجير فليس من خاصة الحج ولو الزم الأجير ذمته بالإجارة ما لا يلزم مثله لكان حكم الوجوب فيه حكم الوجوب في الحج قال والذي يوضح ذلك أن الحجة قد تكون تطوعا من المستأجر إذا جوزنا الاستئجار في حج التطوع وهو الصح فلا خلاف في أن ذلك اللزوم ليس من مقتضيات الحج والله أعلم * (فرع) قال أصحابنا لو استأجر رجلان رجلا يحج عنهما فأحرم عنهما معا انعقد إحرامه لنفسه تطوعا ولا ينعقد لواحد منهما لان الاحرام لا ينعقد عن اثنين وليس أحدهما أولى من الآخر ولو أحرم عن أحدهما وعن نفسه معا انعقد إحرامه عن نفسه لان الاحرام عن اثنين لا يجوز وهو أولى من غيره فانعقد هكذا نص عليه الشافعي في الأم وتابعه الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والأصحاب * (فرع) إذا استأجره اثنان ليحج عنهما أو أمراه بلا إجارة فأحرم عن أحدهما لا بعينه انعقد إحرامه عن أحدهما وكان له صرفه إلى أيهما شاء قبل التلبس بشئ من أفعال الحج * هذا مذهبنا ونقله العبدري عن مذهبنا وبه قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وقال أبو يوسف يقع عن نفسه * دليلنا أن مالكا يعتقد ابتداء ذلك الاحرام به مطلقا ثم يصرفه إلى ما يشاء كما لو أحرم مطلقا عن نفسه ثم صرفه إلى حج أو عمرة * واحتج أبو يوسف بأنه أحرم باحرام معين فإذا أحرم مطلقا لم يأت بالمأمور فيه (قلنا) نقيض ما أسند للنيابة هذا إذا استأجراه ليحج بنفسه فان عقدا معا فالعقد باطل في حقهما وإن عقد أحدهما بعد الآخر فالأول صحيح والثاني باطل وإن عقدا العقدين في الذمة صحا فان تبرع بالحج عن أحدهما يثبت للآخر الخيار في فسخ العقد لتأخير حقه * (فرع) قال صاحب الحاوي في باب الإجارة على الحج من كتاب الحج لو استأجره لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يصح قال وأما الجعالة على زيارة القبر فإن كانت على مجرد الوقوف
(١٣٨)