الوجه الثاني: إن دفع المنكر كرفعه واجب، ولا يتم إلا بترك بيع المذياع ممن ينتفع به في الحرام، فيجب.
والدليل على وجوبه مضافا إلى أدلة النهي عن المنكر.
خبر أبي حمزة عن الإمام الصادق عليه السلام لولا أن بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبي لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبوا حقنا (1)، بعد إلغاء الخصوصية.
أما أدلة النهي عن المنكر، فهي مختصة بحسب مداليلها اللفظية بمن شرع في الحرام، فالاستدلال بها، لوجوب ردع من هم به وأشرف عليه يتوقف على احراز وجود المناط فيه، بدعوى، أن المناط هو عدم وجود المنكر في الخارج، ودونه خرط القتاد.
وإلا لزم الالتزام، بأن ترك ايجاد الفاعل للحرام، وابقائه وتهيئة الموضوع للحرام كتجارة التاجر بالنسبة إلى أخذ العشور من قبيل الفعل الواجب، لكون كل واحد منها موجبا لعدم وجود المنكر في الخارج.
مع: أن ما به يدفع المنكر إنما هو ترك الاقباض لا ترك البيع.
أضف إلى ذلك، أنه لو سلم شمول أدلة النهي عن المنكر لترك البيع في المقام لكان غايته وجوب الترك لا حرمة الفعل.
وعلى فرض تسليم حرمة الفعل، حرمة المعاملة غير مستلزمة لفسادها.
وأما الخبر، فيرد على الاستدلال به أنه لا وجه لالغاء الخصوصية، مع احتمال أن يكون لسلب الخلافة الذي هو من أعظم المحرمات لكونه المنشأ والأساس لسائر المنكرات خصوصية.
الوجه الثالث: خبر جابر، أو حسن صابر، عن إمامنا الصادق عليه السلام عن الرجل يؤجر بيته فيباع فيه الخمر قال عليه السلام حرام أجره. (2) دال عليه.
فإنه وإن ورد في الإجارة إلا أنه يتم في البيع أيضا من جهة اتحاد حكمهما، فعبد إلغاء الخصوصية يتم الحكم في المقام أيضا.